المنشورات

نزول الْمَوْت بآدم عَلَيْهِ السَّلام

قَدْ روينا أَن ملك الْمَوْت جاء ليقبض آدَم وَقَدْ مضى من عمره ألف سَنَة سِوَى أربعين وهبها لابنه دَاوُد، فَقَالَ: قَدْ بقي لي أربعون سَنَة، فقيل لَهُ: إنك وهبتها لداود، قَالَ: مَا فعلت. وأن اللَّه تَعَالَى أتم لَهُ ألف سَنَة.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: لما حضرت آدَم الوفاة دعا ابنه شيثا فعهد إليه عهده وعلّمه ساعات الليل والنهار وعلمه عُبَادَة الحق فِي كُل ساعة منهن وكتب وصيته. وَكَانَ شيث وصي آدم. 
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطبري: إِن آدَم مرض أحد عشر يوما، ودفع إِلَى شيث كتاب وصيته، وأمره أَن يخفيه من قابيل، فاستخفى شيث وولده بِمَا عندهم من العلم، وَلَمْ يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون [بِهِ] [1] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ شيخا بالمدينة يَتَكَلَّمُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا هَذَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَالَ: إِنَّ آَدَمَ [عَلَيْهِ السَّلامُ] لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيْ بَنِيَّ إِنِّي أَشْتَهِي مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَهَبُوا يَطْلُبُونَ لَهُ مِنْهَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَمَعَهُمْ أَكْفَانُهُ وَحَنُوطٌ، وَمَعَهُمُ الفؤوس وَالْمَسَاحِي وَالْمَكَاتِلَ، فَقَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ مَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: أَبُونَا مَرِيضٌ وَاشْتَهَى مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، قَالُوا لَهُمُ: ارْجِعُوا قَدْ قَضَى أَبُوكُمْ. فَجَاءُوا فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ عَرَفَتْهُمْ، فَلاذَتْ بِآدَمَ، فَقَالَ: إِلَيْكِ عَنِّي إِنَّمَا أُتِيتُ مِنْ قبلك، خلي بَيْنِي وَبَيْنَ مَلائِكَةِ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَبَضُوهُ وغسّلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا لَهُ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلُوا قَبْرَهُ فَوَضَعُوهُ فِي قَبْرِهِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ، ثُمَّ خَرَجُوا من القبر ثم حثوا عليه، ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك، حدثنا الدار الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصُّبَاحِ، حدثنا أبو عبيده الحداد، عن عثمان بْنِ سَعْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ [بْنِ] [2] كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَلائِكَةَ صَلَّتْ عَلَى آَدَمَ وَكَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّتُكُمْ يَا بَنِي آدم» [3] .
قال الدار الدَّارَقُطْنِيُّ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَلَّافُ، حَدَّثَنَا صَبَاحُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بن مغول، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: صلى جبريل على آدم، كبر عليه أَرْبَعًا وَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالْمَلَائِكَةِ يَوْمَئِذٍ، وَدُفِنَ فِي مسجد الخيف واحد مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَلُحِدَ لَهُ وَكُتِمَ قَبْرُهُ.
وَقَالَ عروة بْن الزُّبَيْر: أتاه جبريل بثياب من الْجَنَّة وحنوط من حنوطها، فكفنه وحنطه وحملته الْمَلائِكَة حَتَّى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته فِي مَسْجِد الخيف.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قبر عِنْدَ منى أول قرية كانت فِي الأَرْض، قَالَ: وبلغني أَنَّهُ مَات بمكة، وَقَالَ قوم: قبر فِي غار أَبِي قبيس [1] .
وَرَوَى أَبُو صَالِح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَات آدَم عَلَى نود [2] ، الجبل الَّذِي أهبط عَلَيْهِ، فَقَالَ شيث لجبريل: صل عَلَى آدَم، فَقَالَ: تقدم أَنْتَ وكبر عَلَيْهِ ثلاثين تكبيرة.
ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرج من السفينة دفن آدَم ببيت المقدس، وَلَمْ يمت آدَم حَتَّى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا، ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد [3] .
وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید