المنشورات

إِبْرَاهِيم الخليل عَلَيْهِ السَّلام

هُوَ: إِبْرَاهِيم بْن تارخ بْن ناحور بْن ساروغ بْن أرغو بْن فالغ بْن عابر بْن شالخ بن قينان بن أرفخشد بْن سام بْن نوح.
قَالَ الزُّبَيْر بْن بكار: ويقولون إِبْرَاهِيم بْن آزر بْن الناحور بْن الشارغ بْن الْقَاسِمِ، الَّذِي قسم الأَرْض بَيْنَ أهلها، ابْن يعبر بْن السالح بْن سنحاريب.
واسم أمه نونا [2] بنت كرنبا بْن كوثا من بَنِي أرفخشد بْن سام.
وكرنبا هُوَ الَّذِي كرى نهر كوثا. وَكَانَ بَيْنَ الطوفان وإبراهيم ألف سَنَة وتسع وتسعون سَنَة. وَقِيلَ: ألف ومائتا سَنَة وثلاث وستون، وَذَلِكَ بَعْد خلق آدَم بثلاثة آلاف سَنَة وثلاثمائة وثلاثين سَنَة.
وَقَدْ رَوَى أَبُو أُمَامَةُ أَنَّ رجلا سأل رسول الله صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وِإْبَرَاهِيمَ؟
فَقَالَ: عَشْرَةُ قُرُونٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْبَاقِي، أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أخبرنا ابن حيويه، أخبرنا أحمد بن معروف، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الأسدي، حدثنا سُفْيَان بْن سَعْد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عكرمة، قال: كان إبراهيم الخليل يكنى أبا الأضياف [3] .
واختلفوا فِي المكان الَّذِي ولد فِيهِ، فَقَالَ بَعْضهم: ولد فِي بابل من أرض السواد، وَقَالَ بَعْضهم: بالسواد بناحية كوثى، وَقَالَ بَعْضهم: ولد [بالسوس] [1] من أرض الأهواز. وقيل: كَانَ بناحية كسكر ثُمَّ نقله أبوه إِلَى ناحية كوثى، وَهِيَ المكان الَّذِي كَانَ بِهِ نمرود. وقيل: كَانَ مولده بحرّان، ولكن أباه نقله إِلَى أرض بابل [2] .
وعامة العلماء على أَن الخليل ولد فِي عهد نمرود بْن كنعان بْن سنحاريب بْن نمرود بْن كوش بْن حام. وَكَانَ نمرود هَذَا قَدْ ملك الشرق والغرب. وَبَعْض المؤرخين يَقُول: نمرود هَذَا هُوَ الضَّحَّاك، وَهُوَ الَّذِي أراد إحراق الخليل، وَقَدْ سبق ذكره.
قَالَ السدي عَنْ أشياخه: أول ملك ملك الأَرْض شرقها وغربها نمرود بن كنعان.
وكانت الملوك الذين ملكوا الأَرْض كلها [أربعة:] نمرود، وسليمان بْن داود، وذو القرنين، ونصر [3] .
قَالَ الْعُلَمَاء بالسير [4] : لَمْ يكن بَيْنَ نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح، فلما أراد الله تعالى إظهار إِبْرَاهِيم قَالَ المنجمون لنمرود: إنا نجد فِي علمنا أَن غلاما يولد فِي قريتك هذه يقال لَهُ إِبْرَاهِيم يفارق دينكم ويكسر أوثانكم فِي شَهْر كَذَا وكذا من سَنَة كَذَا وكذا، فَلَمَّا دخلت السنة المذكورة بعث نمرود إِلَى كُل امرأة حاملة بقريته فحبسها عنده وَلَمْ يعلم بحمل أم إِبْرَاهِيم، فجعل لا يولد غلام فِي ذَلِكَ الشهر إلا ذبحه.
فلما وجدت أم إِبْرَاهِيم الطلق خرجت ليلا إِلَى مغارة ثُمَّ ولدت إِبْرَاهِيم فِيهَا وأصلحت من شأنه ثُمَّ سدت عَلَيْهِ المغارة ثُمَّ رجعت إِلَى بيتها وكانت تطالعه فِي المغارة لتنظر مَا فعل، فتجده يمص إبهامه- قَدْ جعل اللَّه رزقه فِي ذَلِكَ، وَكَانَ آزر قد سألها عن حملها، فقالت: ولدت غلاما فمات فسكت عَنْهَا. فكان إِبْرَاهِيم يشب فِي شَهْر شباب سَنَة.
فلما تكلم قَالَ لأمه: أخرجيني أنظر، فنظر وَقَالَ: إِن الَّذِي رزقني وأطعمني ما لي رب غيره، ثُمَّ رأى كوكبا ثُمَّ رأى الشمس فَقَالَ مَا قصه اللَّه تَعَالَى عَلَيْنَا.
ثُمَّ ذهبت بِهِ أمه إِلَى أَبِيهِ فأخبرته مَا صنعت بِهِ فسر بسلامته.
وَكَانَ آزر يصنع الأصنام وَيَقُول لإبراهيم: بعها، فَيَقُول إِبْرَاهِيم: من يشتري مَا يضره ولا ينفعه؟ فشاع بَيْنَ النَّاس استهزاؤه بالأصنام، ثُمَّ أراد أَن يادي إِبْرَاهِيم قومه بالمخالفة، فخرجوا إِلَى عيد لَهُمْ فقال: إِنِّي سَقِيمٌ 37: 89 [1] فلما ذهبوا، قال: لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ 21: 57 [2] . فسمعها بَعْضهم، ثُمَّ دَخَلَ إِبْرَاهِيم إِلَى بَيْت الآلهة وَقَدْ جعلوا بَيْنَ يديها طعاما، فَقَالَ: ألا تأكلون؟ فلما لَمْ يجبه أحد، قَالَ: مَا لكم لا تنطقون! فراغ عَلَيْهِم ضربا باليمين، ثُمَّ علق الفأس في عنق الصنم الأكبر ثُمَّ خرج. فلما رجع الْقَوْم قالوا:
من فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا 21: 59 ثم ذكروا فقالوا: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ 21: 60 [3] أي: يسبهم، فجاءوا بِهِ إِلَى ملكهم نمرود، فقال: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا 21: 62 ... يَا إِبْراهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا 21: 62- 63 [4] غضب أَن تعبد مَعَهُ هذه الصغار وَهُوَ أكبر منها، فكسرهن، فَقَالُوا: مَا نراه إلا كَمَا قَالَ، فَقَالَ لَهُ نمرود: فَمَا إلهك الَّذِي تعبد؟ قَالَ: ربي الَّذِي يَحْيَى ويميت، قَالَ نمرود: أنا أحيي وأميت، آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته، وأعفو عَنِ الآخر فأكون قَدْ أحييته، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم/: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ 2: 258 [5] فبهت عِنْدَ ذَلِكَ نمرود وحبسه سبع سنين [6] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أبو أَحْمَدُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِيبَوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: جُوِّعَ لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَسَدَانِ ثُمَّ أُرْسِلا عَلَيْهِ، فَجَعَلا يَلَحَسَانِهِ وَيَسْجُدَانِ لَهُ.
قَالَ عُلَمَاَءُ السَّيْرِ: ثُمَّ أَجْمَعَ نَمْرُودُ وقومه على تحريقه، فقالوا: أحرقوه.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید