المنشورات
إلقاء ابراهيم فِي النار
قَالَ شُعَيْب بْن الجبائي: إِن الَّذِي قَالَ حرقوه خسف بِهِ الأَرْض فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وألقي إِبْرَاهِيم فِي النار وَهُوَ ابْن ست عشرة سَنَة [2] .
قَالَ علماء السير: أمر نمرود بجمع الحطب فجمعوا، حَتَّى إِن كانت المرأة [لتنذر] [3] فِي بَعْض مَا تطلب مِمَّا تحب إِن قَالَتْ كَذَا، لتحتطبن عَلَى نار إِبْرَاهِيم احتسابا فِي دينها، فلما أوقدوا النار أجمعوا عَلَى قذفه فِيهَا، قَالَتِ الخلائق: أي ربنا! إِبْرَاهِيم لَيْسَ فِي أرضك أحد يعبدك غيره يحرق بالنار فيك! فأذن لنا فِي نصرته.
قَالَ: فَإِن استغاث بشيء منكم فأغيثوه، وإن لَمْ يدع غيري فأنا وليه، فلما ألقي فِي النار قَالَ: يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 21: 69 [4] .
وجاء جبرئيل وإبراهيم موثق، قَالَ: ألك حاجة؟ قَالَ: أما إليك فلا [5] .
قَالَ كعب: مَا أحرقت النار إلا وثاقه [6] .
قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو: أول كلمة قالها إِبْرَاهِيم حِينَ طرح فِي النار: حسبي اللَّه ونعم الوكيل.
قَالَ السدي عَنْ أشياخه [7] : رفع إِبْرَاهِيم رأسه إِلَى السماء، وَقَالَ: اللَّهمّ أَنْتَ الْوَاحِد فِي السماء، وأنا الْوَاحِد فِي الأَرْض، لَيْسَ [فِي الأَرْض أحد] [8] يعبدك غيري، حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقذفوه [فِي النار] [9] ، فَقَالَ: يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 21: 69 [10] .
قَالَ ابْن عَبَّاس: لو لَمْ يتبع بردها سلاما لمات إِبْرَاهِيم من بردها وَلَمْ تبق نار يَوْمَئِذٍ فِي الأَرْض إلا طفئت، ظنت أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تعنى.
فلما طفئت النار نظروا إِلَى إِبْرَاهِيم فَإِذَا هُوَ ورجل آخر مَعَهُ، فَإِذَا رأس إِبْرَاهِيم فِي حجره يمسح عَنْ وجهه العرق وذكروا أَن ذَلِكَ الرجل هُوَ ملك الظل، فأخرجوا إِبْرَاهِيم وأدخلوه عَلَى الْمَلِك [1] .
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق [2] : بعث اللَّه ملك الظل فقعد مَعَ إِبْرَاهِيم يؤنسه، فمكث نمرود أياما لا يشك أَن النار قَدْ أكلت إِبْرَاهِيم [ثُمَّ ركب فنظر فَإِذَا إِبْرَاهِيم] [3] وإلى جنبه رجل جالس، فناداه نمرود: يا إِبْرَاهِيم، كبير إلهك الَّذِي بلغت قدرته أَن حال بَيْنَ مَا أرى وبينك، هل تستطيع أَن تخرج منها؟
فقام إِبْرَاهِيم يمشي حَتَّى خرج، فَقَالَ لَهُ: يا إِبْرَاهِيم، من الرجل الَّذِي رأيت معك؟ قال: ملك الظل، أرسله ربي ليؤنسني. فَقَالَ: إني مقرب إِلَى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته، فَقَالَ: إنه لا يقبل منك مَا كنت عَلَى دينك، فَقَالَ: لا أستطيع ترك ملكي، ولكن سوف أذبحها لَهُ، فذبح أربعة آلاف بقرة [4] ، وكف عَنْ إِبْرَاهِيم.
واستجاب لإبراهيم رجال من قومه لما رأوا من تلك الآية عَلَى خوف من نمرود، فأمن لَهُ لوط- وَكَانَ ابْن أخيه- وَهُوَ لوط بْن هاران بْن تارخ، وهاران أَخُو إِبْرَاهِيم، وَهُوَ الَّذِي بنى مدينة حران وإليه تنسب. وآمنت بِهِ سارة وَهِيَ ابنة عمه فتزوجها [5] .
قَالَ السدي عَنْ أشياخه [6] : لما انطلق إِبْرَاهِيم ولوط إِلَى الشام لقي إِبْرَاهِيم سارة وَهِيَ بنت ملك حران وَقَدْ طعنت عَلَى قومها فِي دينهم، فتزوجها عَلَى أن لا يغيرها.
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
16 ديسمبر 2023
تعليقات (0)