المنشورات

اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ابتلى الخليل بذبح ولده بَعْد فراغه من الحج

وَقَدِ اختلف الْعُلَمَاء فِي الذبيح، هل هُوَ إِسْمَاعِيل أَوْ إِسْحَاق؟
فَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ 37: 107 [3] قَالَ:
«إِسْحَاقُ» [4] .
وَقَدْ رَوَاهُ مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ فَوَقَفَهُ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَهُوَ أَصَحُّ [5] .
وَكَذَلِكَ رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ [6] .
وَبِهِ قَالَ ابْن مَسْعُود، وكعب، وعبد بْن عمير ومسروق، وأبو ميسرة فِي خلق كثير.
وَقَدْ رَوَى مُعَاوِيَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلا جَاءَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] . يُشِيرُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدِ اللَّهِ والد رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، فإن عَبْدَ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَهُ، وَهَذَا الْحَدِيث لا يثبت، ثم أن رسول الله لَمْ يقر بِهِ، وجائز أَن يَكُون العم أبا، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ 2: 133 [2] فأدخل إسماعيل في الآباء، وهو عم يعقوب.
وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِي، وسعيد بْن جُبَيْر، ومجاهد، وعطاء بْن أَبِي رباح، ويوسف بْن مهران، عن ابن عباس أَنَّهُ إِسْمَاعِيل [3] .
وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِي، وَقَالَ: رأيت قرني الكبش فِي الكعبة. وإليه يذهب الْحَسَن ومجاهد والقرظي، واحتج بأن اللَّه تَعَالَى لما فرغ من قصة الذبيح، قال: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ 37: 112 [4] .
والقول الأَوَّل أصح، فَإِن الخليل لما هاجر عن قومه، قال: هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ 37: 100- 101 [5] . والبشارة كانت لسارة، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ 37: 102 [6] ، أي كبر، وبلغ أَنَّهُ سعى مَعَ ابنه. فأما إِسْمَاعِيل فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ أسكنه مَكَّة وَلَمْ يره حَتَّى تزوج امرأتين.
والاحتجاج بقرني الكبش لَيْسَ بشيء، لأنه من الجائز أَن يكونا حملا من الشام، واحتجاج المحتج [7] بقوله: وَبَشَّرْناهُ 37: 112 يدل عَلَى أَنَّهُ إِسْحَاق لأن الواو لا تقتضي الترتيب.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید