المنشورات

قصة الذبح سبب أمر اللَّه خليله بذبح ولده:

مَا رَوَى السدي عَنْ أشياخه [1] . أَن جبريل لما بشر سارة بإسحاق، قَالَتْ: وَمَا آية ذَلِكَ؟ فأخذ عودا يابسا فِي يده فلواه بَيْنَ أَصَابِعه فاهتز أخضر، فَقَالَ إِبْرَاهِيم: هُوَ للَّه إِذَا ذبيح، فلما كبر إِسْحَاق أتى إِبْرَاهِيم فِي النوم فقيل لَهُ: أوف بنذرك الَّذِي نذرت، فَقَالَ لإسحاق: انطلق نقرب قربانا إِلَى اللَّه، فأخذ سكينا وحبلا ثُمَّ انطلق مَعَهُ حَتَّى إِذَا ذهب بِهِ بَيْنَ الجبال قال له الغلام: يا أبتاه، أين قربانك؟ قَالَ: يا بَنِي إني أرى فِي المنام أني أذبحك، فَقَالَ إسحاق: اشدد رباطي حَتَّى لا اضطرب، واكفف عني ثيابك [حَتَّى] [2] لا ينتضح عَلَيْهَا/ من دمي فتراه سارة فتحزن، وأسرع مر السكين عَلَى حلقي ليكون أهون للموت عَلِي، وإذا أتيت سارة فاقرأ عَلَيْهَا السَّلاَم.
فأقبل عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم يقبله، وَقَدْ ربطه وَهُوَ يبكي وإسحاق يبكي، ثُمَّ إنه جرّ السكين على حلقه فلم يحك السكين، فأضجعه عَلَى جبينه فنودي: يا إِبْرَاهِيم قَدْ صدقت الرؤيا. فَإِذَا بكبش فأخذه، وخلى عَنِ ابنه، وأكب عَلَى ابنه يقبله وَيَقُول: اليوم يا بَنِي وهبت لي. فرجع إلى سارة فأخبرها الْخَبَر فجزعت سارة، وَقَالَتْ: يا إِبْرَاهِيم أردت أَن تذبح ابني ولا تعلمني.
قَالَ شُعَيْب الجبائي: لما علمت بِذَلِكَ ماتت يَوْم الثالث.
وروى ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم: [3] إِن إِبْرَاهِيم لما خرج بابنه ليذبحه اعترضه إبليس، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ فَقَالَ: أريد هَذَا الشعب لحاجة لي فِيهِ، فَقَالَ: والله إني لأرى الشَّيْطَان قَدْ جاءك فِي منامك فأمرك بذبح ابنك. فعرفه إِبْرَاهِيم، فَقَالَ: إليك عني عدو الله، فو اللَّه لأمضين لأمر ربي فِيهِ، فلما يئس عدو اللَّه إِبْلِيس من إِبْرَاهِيم اعترض الولد، فَقَالَ: يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قَالَ: يحتطب لأهلنا من هَذَا الشعب، قال: والله ما يريد إلا أَن يذبحك، قَالَ: لَمْ؟ قَالَ: زعم أَن ربه أمره بِذَلِكَ، قَالَ: فليفعل مَا أمره ربه، فسمعا وطاعة، فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى أمه، فَقَالَ: هل تدرين أين ذهب إِبْرَاهِيم بابنه؟ فَقَالَتْ: ذهب بِهِ يحتطبان من هَذَا الشعب، قَالَ: مَا ذهب بِهِ إلا ليذبحه، قَالَتْ: هُوَ أرحم بِهِ وأشد حبا من ذَلِكَ، قَالَ: إنه يزعم أَن اللَّه يأمره بِذَلِكَ، قَالَتْ: فَإِن كَانَ ربه أمره بِذَلِكَ فتسليما لأمر اللَّه. فرجع عدو اللَّه لَمْ يصب من آل إِبْرَاهِيم شَيْئًا مِمَّا أراد.
فَقَالَ: يا أبت إِذَا أردت ذبحي فاشدد رباطي، فَإِن الْمَوْت شديد، واشحذ شفرتك حَتَّى تجهز عَلِي فتريحني. فَإِذَا أَنْتَ أضجعتني فعلى وجهي فإني أخشى إِن نظرت فِي وجهي أَن تدركك رقة تحول بينك وبين أمر اللَّه فِي، وإن رأيت أَن ترد قميصي إِلَى أمي فَإِنَّهُ عسى أَن يَكُون أسلى لها عنّي. فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: نعم العون أَنْتَ يا بَنِي عَلَى أمر اللَّه. فربطه كَمَا أمره، ثم شحذ شفرته ثُمَّ تله للجبين، واتقى النظر فِي وجهه، ثُمَّ أدخل الشفرة، فقبلها اللَّه تَعَالَى ونودي: قد صدقت الرؤيا.
قَالَ ابْن عَبَّاس: خرج عَلَيْهِ كبش من الْجَنَّة قَدْ رعاها قبل ذَلِكَ أربعين خريفا، وَهُوَ الكبش الَّذِي قربه هابيل فنحره فِي منى [1] .
وَقَالَ عَلِي بْن أَبِي طالب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَانَ كبشا أبيض أقرن أعين مربوطا بسمر فِي ثبير [2] .
وَقَالَ عَبْد بْن عمير: ذبح بالمقام.
وَقَالَ الْحَسَن: أهبط عَلَيْهِ من ثبير.
قَالَ وهب بْن منبه، وشعيب الجبائي، وغيرهما: كَانَ ذَلِكَ بإيليا من أرض الشام.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید