المنشورات

قصة العجل

وَذَلِكَ أَن جبرئيل جاء إِلَى موسى عَلَى فرس ليذهب بِهِ إِلَى مناجاة ربه، فرآه السامري فأنكره [4] .
واسم السامري منجا، كَذَلِكَ ضبطه ابْن المنادي.
وَقَالَ: إِن لِهَذَا لشأنا، فأخذ من تربة حافر الفرس، فانطلق موسى واستخلف هَارُون وواعدهم ثلاثين ليلة وأتمها اللَّه تَعَالَى لَهُ بعشر، فوقع فِي تلك الزيادة زللهم بعبادة العجل.
وَكَانَ السبب فِي اتخاذه أَن هَارُون قَالَ لَهُمْ: يا بَنِي إسرائيل إِن الغنيمة لا تحل لكم وإن حلي القبط غنيمة، فاجمعوا واحفروا لَهُ فادفنوه فَإِن جاء موسى فأحلها فأخذتموها وإلا كَانَ شَيْئًا لَمْ تأكلوه. فجمعوه فِي حفرة، فجاء السامري تلك الصفة فألقاها، وَقَالَ: كن عجلا، فصار عجلا جسدا لَهُ خوار، وَكَانَ السامري من قوم يعبدُونَ البقر، وَكَانَ حب ذَلِكَ فِي قلبه، فَقَالَ لَهُمْ: هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ 20: 88 [1] .
يَقُول: ترك موسى إلهه وذهب يطلبه، فعكفوا عَلَيْهِ يعبدُونَه، فَقَالَ لَهُمْ هَارُون: إِنَّما فُتِنْتُمْ به 20: 90 [2] .
وإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أخبر موسى بالقصة بقوله: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ 20: 85 [3] .
ثُمَّ إِن موسى طلب الرؤية بقوله: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ 7: 143 [4] . فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:
سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ 7: 143 [5] .
فأخذ الألواح ورجع إِلَى قومه غَضْبانَ أَسِفاً 7: 150 [6] لما صنعوا، فألقى الألواح وأخذ برأس أخيه فاعتذر كَمَا قص اللَّه، ثُمَّ التفت إِلَى السامري، فقال: فَما خَطْبُكَ يَا سامِرِيُّ 20: 95 [7] . قَالَ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا به 20: 96.
فأخذ موسى العجل فذبحه، ثُمَّ برده بالمبرد وذراه فِي البحر وندم من عَبْد العجل.
مِنْهَا [1] قال رَجُلانِ 5: 23 وهما اللذان كتما، وهما يوشع بْن نون، وكالب بْن يوفنه: يا قوم ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ 5: 23 [2] فَقَالُوا: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً مَا دامُوا فِيها 5: 24 [3] فغضب موسى [فدعا عَلَيْهِم] ، فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ 5: 25 [4] فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ في الْأَرْضِ 5: 26 [5] . فلما ضرب عَلَيْهِم التيه ندم موسى، فَقَالُوا: يا موسى كَيْفَ لنا ها هنا بالطعام، فأنزل اللَّه عَلَيْهِم المن والسلوى، وَكَانَ المن يسقط عَلَى الشجرة، والسلوى طائر، فَقَالُوا: أين الشراب؟ فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، فشرب كُل سبط من عين، قالوا: فأين الظلّ؟ فظلل الله عليهم الغمام، قَالُوا: فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كَمَا تطول الصبيان ولا يتخرق لَهُمْ ثوب، فأجمعوا ذَلِكَ فَقَالُوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ 2: 61 [6] . فلما خرجوا من التيه أكلوا البقول.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید