المنشورات
لقاء موسى الخضر عليهما السَّلام
كَانَ سبب طلب موسى الخضر أَن موسى سئل من أعلم أَهْل الأَرْض؟ فَقَالَ: أنا، قيل له: لنا عبد هو أعلم منك يَعْنِي الخضر.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَمّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي عِنْدَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ لِي بِهِ، قِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فَتَجْعَلْهُ فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ.
فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَحَمَلا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَوَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا، فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ الْمِكْتَلِ، فاتخذ سبيله في البحر وكان لموسى ولفتاه عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمِهِمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا من سَفَرِنا هذا نَصَباً 18: 62 [1] . وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ 18: 63 [2] قَالَ مُوسَى:
ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً 18: 64 [3] حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجَّى بِثَوْبٍ- أَوْ قَالَ بَثَوْبَيْهِ- فَسَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلامُ؟
فَقَالَ: أَنَا موسى، فقال: موسى بني إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً 18: 66 [4] ، فقال: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً 18: 67 [5] يا موسى إني على علم مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لا أَعْلَمُهُ، قَالَ:
سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا/ أَعْصِي لَكَ أَمْراً 18: 69 [1] .
فَانْطَلَقَا يَمْشِيانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمَاهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعَرَفُوا الْخَضْرَ، فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ. فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفٍ فَنَقَرَ نَقْرَةً وَنَقْرَتَيْنِ مِنَ الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضْرُ: يَا مُوسَى مَا نَقُصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْرِ، فَعَمَدَ الْخَضْرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً 18: 72 [2] ، قال: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ 18: 73 [3] . وَكَانَ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا.
فَانْطَلَقَا فَإِذَا غُلامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الْخَضْرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ 18: 74 [4] ، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً 18: 75 [5] .
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ 18: 77، قال الخضر بيده فَأَقامَهُ 18: 77، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً 18: 77 [6] ، قال: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ 18: 78 [7] .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدَدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ علينا من أمرهما» .
أخرجاه في الصحيحين [8] .
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
16 ديسمبر 2023
تعليقات (0)