المنشورات

إلياس عَلَيْهِ السَّلام

قَالَ ابْن إِسْحَاق [6] : لما قبض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حزقيل عظمت الأحداث فِي بَنِي إسرائيل فنسوا مَا كَانَ اللَّه عهد إليهم حَتَّى نصبوا الأوثان وعبدوها من دُونَ اللَّه بعث إليهم إلياس بْن ياسين بْن فنحاص بْن العيزار بْن هَارُون بْن عمران.
وَقَالَ وهب: إلياس بْن العازر بْن العيزار بْن هارون.
وَقَالَ الطبري: إلياس بْن ياسين بْن فنحاص بْن العيزار بْن هَارُون.
وَقَالَ أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن المنادي: إلياس بْن يشين بْن العازر بْن هَارُون. نقلته من خطه وضبطه. قَالَ: وَهُوَ إلياس، وَهُوَ إلياسين، وَهُوَ إدراسين، وَهَذَا فِي قراءة ابْن مَسْعُود.
وإنما كانت الأنبياء تبعث من بَنِي إسرائيل بَعْد موسى لتجديد مَا نسوا من التوراة وَقَدْ بعث اللَّه بَيْنَ موسى وعيسى ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم، وَلَمْ يكن بينهم فترة.
وَكَانَ بنو إسرائيل قَدِ اتخذوا صنما يسمونه بعلا.
قَالَ نعيم بْن أَبِي: مذ كَانَ رجل من الملوك يغزو فأطال الغيبة مرة عَنِ امرأته فاشتاقت إِلَيْهِ، فصاغت رجلا من ذهب وفضة، وألبسته ثياب زوجها وعممته وقلدته السَّيْف وأقعدته عَلَى سرير زوجها وحجبته وأقامت عَلَيْهِ الحرس، ثُمَّ جمعت أَهْل أرضها، وكانوا يعبدُونَ الأوثان، فَقَالَتْ: إِن هذه الأوثان الَّتِي فِي أيديكم باطل فاطرحوها، وإنما إلهكم البعل، فإذا كشفت لكم عَنْهُ فاسجدوا لَهُ، فكشفت لَهُمْ عَنْهُ فسجدوا وعبدوه، وكتبت إِلَى زوجها تخبره بِمَا صنعت.
فكتب إِلَيْهَا: قَدْ أصبت، ثُمَّ قدم فعبد وسجد لَهُ، فبعث اللَّه إليهم إلياس يدعوهم إِلَى اللَّه سبحانه، وجعلوا لا يَسْمَعُونَ منه.
قَالَ ابْن إِسْحَاق [1] : فأوحى اللَّه إِلَيْهِ: قَدْ جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فدعا عَلَيْهِم أَن يمسك عَنْهُمُ القطر فحبس عَنْهُم ثَلاث سنين حَتَّى هلكت المواشي والهوام والشجر.
وَكَانَ قَدِ استخفى خوفا عَلَى نَفْسه من أجل دعائه عَلَيْهِم، وَكَانَ حيث مَا كَانَ يوضع لَهُ رزقه، فمنع الرزق ثلاثا فبكى فنودي: أتبكي لجوع ثلاثة أَيَّام وقومك يموتون جوعا فارجع إليهم.
وكانوا إِذَا وجدوا ريح الخبز فِي دار قَالُوا: لَقَدْ دَخَلَ إلياس هَذَا المكان فيلقى أَهْل ذَلِكَ المنزل مِنْهُم شرا. فأوى ليلة إِلَى امرأة من بَنِي إسرائيل لَهَا ابن يقال له: اليسع بن أخطوب، بِهِ ضر، فآوته وأخفت أمره، فدعا لابنها فعوفي من الضر، واتبع إلياس فآمن به وصدقه ولازمه، فأوحى اللَّه إِلَى إلياس: إنك قَدْ أهلكت كثيرا من الخلق لَمْ يعص من الدواب والبهائم والطير، فَقَالَ: يا رب دعني أكن أنا الَّذِي أدعو لَهُمْ وآتيهم بالفرج لعلهم ينزعون عما هُمْ عَلَيْهِ، قيل لَهُ: نعم.
فجاء إِلَى بَنِي إسرائيل، فَقَالَ: إنكم قَدْ هلكتم جهدا وهلكت البهائم والطير والشجر بخطاياكم، وإنكم عَلَى باطل، فَإِن كنتم تحبون أَن تعلموا ذَلِكَ، وتعلموا أَن اللَّه عليكم ساخط، وإن الَّذِي أدعوكم إِلَيْهِ الحق. فاخرجوا بأصنامكم هذه الَّتِي تعبدُونَ فَإِن استجابت لكم فذلك كَمَا تَقُولُونَ، وإن لَمْ تفعل علمتم أنكم عَلَى باطل فنزعتم ودعوت اللَّه ففرج عنكم مَا أنتم فِيهِ من البلاء، قَالُوا: أنصفت.
فخرجوا بأوثانهم فدعوها فلم تستجب لَهُمْ، فعرفوا مَا هُمْ فِيهِ من الضلالة، ثُمّ قَالُوا: ادع لنا، فدعا لَهُمْ بالفرج مِمَّا هُمْ فِيهِ وأن يسقوا. فخرجت سحابة وَهُمْ ينظرون، ثُمَّ أرسل اللَّه المطر فأغاثهم ففرج عَنْهُم مَا كَانُوا فِيهِ من البلاء، فلم يرجعوا وأقاموا عَلَى أخبث مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
فلما رأى ذَلِكَ إلياس من كفرهم دعا ربه أَن يقبضه إِلَيْهِ فيريحه مِنْهُم، فقيل لَهُ:
انظر يَوْم كَذَا فاخرج فِيهِ إِلَى بلد كَذَا فَمَا جاءك من شَيْء فاركبه ولا تهبه.
فخرج وخرج مَعَهُ إليسع حَتَّى إِذَا كَانَ بالبلد الَّذِي ذكر لَهُ، فِي المكان الَّذِي أمر بِهِ أقبل فرس من نار حَتَّى وقف بَيْنَ يديه، فوثب عَلَيْهِ فانطلق، فكساه الله الريش وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وطار فِي الْمَلائِكَة فكان إنسيا ملكيا سحابيا أرضيا، وسميت الأَرْض الَّتِي كَانُوا فِيهَا بعلبك باسم الصنم الَّذِي اسمه البعل.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید