المنشورات

نصر البابلي

لما ولي لهراسب وتمكن ملكه بعث نصر، وَهُوَ رجل من الأعاجم، فأتى دمشق وصالح أهلها، ووجه قائدا لَهُ، فأتى بَيْت المقدس فصالح ملك بَنِي إسرائيل، وأخذ منه رهائن وانصرف. فلما بلغ طبرية وثب بنو إسرائيل عَلَى ملكهم، فَقَالُوا: داهنت أهل بابل وخذلتنا، فقتلوه، فكتب قائد نصر إِلَيْهِ بِمَا كَانَ، فكتب إِلَيْهِ أَن يقيم بموضعه حَتَّى يوافيه، وأن يضرب أعناق الرهائن الذين معه.
فسار [1] نصر حَتَّى أتى بَيْت المقدس، فهدمه وهدم المساجد، ورمى فِيهَا الكنائس، وخرب الحصون، وحرق التوراة، وأخذ الأَمْوَال، وقتل المقاتلة، وسبى الذرية، وكانوا سبعين ألف غلام، ووجد فِي سجن بَنِي إسرائيل أرميا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال له نصر: مَا خطبك؟ فأخبره أَن اللَّه تَعَالَى بعثه إِلَى قومه ليحذرهم الَّذِي حل بهم فكذبوه وحبسوه، فقال نصر: بئس الْقَوْم قوم عصوا رَسُول ربهم! فخلى سبيله، وأحسن إِلَيْهِ.
فاجتمع إِلَيْهِ من بقي من ضعفاء بَنِي إسرائيل، فَقَالُوا: إنا قَدْ أسأنا وظلمنا، ونحن نتوب مِمَّا صنعنا، فادع اللَّه أَن يقبل توبتنا.
فدعا ربه، فأوحى إِلَيْهِ: أنهم غَيْر فاعلين، فَإِن كَانُوا صادقين فليقيموا معك بهذه البلد، فأخبرهم، فَقَالُوا: كَيْفَ نقيم ببلدة قَدْ خربت. فخرجوا يستجيرون بملك مصر، فغزا نصر أرض [مِصْر] [2] فقتل ملكها وقتلهم، ثُمَّ بلغ أقصى ناحية المغرب، وانصرف بسبي كثير من أَهْل فلسطين والأردن، فيهم دانيال وغيره من الأنبياء






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید