المنشورات

الملوك بَعْد دانيال

وتوفي بهمن وَكَانَ ملكه مائة واثنتي عشرة سَنَة، وقيل ثمانين سَنَة.
ثُمَّ ملكت بعده ابنته خماني، واختلفوا فِي سبب تمليكها. فَقَالَ بَعْضهم: إِنَّمَا ملكوها لعقلها ونجدتها وإحسان أبيها إليهم.
وَقَالَ آخرون: كانت حاملا من أبيها بهمن بدار [1] الأكبر، فسألت أباها أَن يعقد لَهُ التاج وَهُوَ فِي بطنها، ففعل. وَكَانَ ساسان من امرأة أُخْرَى، وَكَانَ حينئذ رجلا ينتظر الْمَلِك لا يشك فِيهِ، فلما فعل أبوه ذَلِكَ لحق بإصطخر وتزهد وتعبد فِي رءوس الجبال، واتخذ غنيمة، فَكَانَ يتولاه بنفسه [2] .
وقيل: إِن خماني ولدت بَعْد أشهر من ملكها، فأخفت من إظهار الولد، فجعلته فِي تابوت، وصيرت مَعَهُ جوهرا نفيسا، وأجرته تَحْتَ نهر من أنهار إصطخر، وقيل من أنهار بلخ، فوقع التابوت إِلَى رجل طحان من أَهْل إصطخر، فأخذه ورباه، وظهر أمره حِينَ شب، وأقرت خماني بإساءتها إِلَيْهِ وتعريضها إياه للتلف، فلما تكامل امتحن فوجد عَلَى غاية مَا يَكُون عَلَيْهِ أبناء الملوك، فحولت التاج عَنْ رأسها إِلَيْهِ، وتقلد أمر المملكة، وتنقلت خماني إِلَى فارس، وبنت مدينة إصطخر، وقمعت الأعداء، ومنعتهم من بلادها، وأغزت أرض الروم، فسبى سبي كثير، فأمرت أَن يبنى لَهَا فِي كُل موضع بنيانا منيفا، فأحد ذَلِكَ البنيان فِي مدينة إصطخر.
وَالثَّانِي عَلَى المدرجة الَّتِي يسلك فِيهَا إِلَى دار بجرد عَلَى فرسخ من المدينة [3] .
[والثالث عَلَى أربعة فراسخ منها فِي المدرجة الَّتِي تسلك فِيهَا إِلَى خراسان.
وإنها أجهدت نفسها فِي طلب مرضاة اللَّه تَعَالَى.
وكان ملكها ثلاثين سنة] [4] .
كَانَ بَعْض ملكها فِي زمن كيرش العيلمي، الَّذِي ذَكَرْنَا آنفا أَنَّهُ تولى بَيْت المقدس عَلَى بَنِي إسرائيل.
وعاشت خماني بَعْد هلاك كيرش ستا وعشرين سَنَة، وكانت مدة خراب بَيْت المقدس من لدن خربه نصر إِلَى أَن عُمَر سبعين سَنَة، بَعْضهَا فِي أَيَّام بهمن، وبَعْضهَا فِي أَيَّام خماني.
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يدل عَلَى أَن التخريب لبيت المقدس كَانَ قبل ذَلِكَ، والله أعلم.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید