المنشورات

نبوة عيسى ومعجزاته

قَالَ علماء السير: أوحى اللَّه تعالى إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السلام حين تم له ثلاثون سنة، فأمره أن يبرز للناس فيدعوهم إِلَى اللَّه عز وجل. وكانوا أرباب أوثان، ثم أنزل عَلَيْهِ الإنجيل بالسريانية، فأقبل عِيسَى إِلَى بيت المقدس، فأبرأ أعمى ممسوح العينين، ومقعدا زمنًا. وكان يداوي المرضى، والزمنى، والعميان، والمجانين، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويحيى الموتى، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللَّه. وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون فِي بيوتهم، وكان كتابه الإنجيل، وزاده التوراة، وعلمه الزبور [4] .
وكان من آياته المائدة والمشي عَلَى الماء، وقد كان يسبح فِي بطن أمه، وتكلم فِي المهد طفلا.
قَالَ وهب: وكان يجتمع عَلَى بابه من المرضى خمسون ألفا.
أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْن دُومَا، قَالَ: أخبرنا مخلد بن جعفر، قال: أخبرنا الحسن [5] ابن علي القطان، قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار، قال: أخبرنا إسحاق بن بشر القرشي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْرِيِّ، عن سلمان الفارسيّ، قال:
لَمْ يَبْقَ فِي مَدِينَتِهِمْ زَمِنٌ وَلا مُبْتَلًى وَلا مَرِيضٌ إِلا اجْتَمَعُوا [1] إِلَيْهِ فَدَعَا لَهُمْ فَشَفَاهُمُ اللَّهُ، فَصَدَّقُوهُ وَاتَّبَعُوهُ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ابْعَثْ لَنَا مِنَ الآخِرَةِ، قَالَ: مَنْ تُرِيدُونَ؟
قَالُوا: سَامَ بْنَ نُوحٍ، فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أَلْفِ سَنَةٍ، قَالَ: تَعْلَمُونَ أَيْنَ قَبْرُهُ؟ قَالُوا:
فِي وَادِي كَذَا وَكَذَا.
فَانْطَلَقُوا إِلَى الْوَادِي، فصلى عِيسَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّهُمْ سَأَلُونِي مَا قَدْ عَلِمْتَ فَابْعَثْ لِي سَامَ بْنَ نُوحٍ، فَقَالَ: يَا سَامُ بْنَ نُوحٍ، قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ نَادَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ، فَأَجَابَهُ فَنَظَرَ [2] إِلَى الأَرْضِ قَدِ انْشَقَّتْ عَنْهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ [3] وَكَلِمَتَهُ، هَا أَنَا ذَا قَدْ جِئْتُكَ. فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَذَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، ابْنُ الْعَذْرَاءِ الْمُبَارَكَةِ، رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، فَآمِنُوا بِهِ وَاتَّبِعُوهُ [4] .
ثُمَّ قَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمَّا دَعَوْتَنِي جَمَعَ اللَّهُ مَفَاصِلِي وَعِظَامِي، ثُمَّ سَوَّانِي [خَلْقًا] [5] فَلَمَّا دَعَوْتَنِي الثَّانِيَةَ رَجَعَتْ [6] إِلَيَّ رُوحِي، فَلَمَّا دَعَوْتَنِي الثَّالِثَةَ خِفْتُ أَنْ تَكُونَ الْقِيَامَةَ، فَشَابَ رَأْسِي وَأَتَانِي مَلَكٌ، فَقَالَ [7] : هَذَا عِيسَى يَدْعُوكَ لِتُصَدِّقَ مَقَالَتَهُ، يَا رُوحَ اللَّهِ، سَلْ رَبَّكَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَى الآخِرَةِ فَلا حَاجَةَ لِي فِي الدُّنْيَا.
قَالَ عِيسَى: فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ مَعِي، قَالَ: يَا عِيسَى، أَكْرَهُ كَرْبَ الْمَوْتِ، مَا ذَاقَ الذَّائِقُونَ مِثْلَهُ. فَدَعَا رَبَّهُ فَاسْتَوَتْ عَلَيْهِ الأْرَضُ، وَقَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَبَلَغَ عِدَّةُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى سَبْعَةُ آلافٍ.
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ [8] : وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِي أَحْيَاهُ حَامُ [بْنُ نُوح] [9] .
أَنْبَأَنَا [1] مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بْن أَحْمَد، قَالَ: أَخْبَرَنَا جعفر بْن أحمد بْن السراج، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُف بْن عمر الزاهد، قَالَ: قرئ عَلَى عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النيسابوري وأنا أسمع، قيل له: أخبركم موسى بْن عَبْد الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن وهب، قَالَ: أخبرني ابن لهيعة، عَنِ ابْنِ الهاد، عَنِ ابْنِ شهاب [2] ، قَالَ:
قيل لعيسى بن مريم عليه السلام: أحي حام بْن نوح، فَقَالَ: أروني قبره، فأروه فقام فقال: يا حام بن نوح احي بإذن اللَّه، فلم يخرج، ثم قالها الثانية، فإذا شق رأسه ولحيته أبيض. فَقَالَ: ما هَذَا، قَالَ: سمعت الدعاء الأول فظننت أنه من اللَّه عز وجل، فشاب له شقي، ثم سمعت الثاني فعلمت أنه من الدنيا فخرجت. قَالَ: منذ كم [3] مت؟
قَالَ: منذ أربعة آلاف سنة ما ذهبت عني سكرة الموت [4] .






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید