المنشورات

جرجيس

هو رجل صالح أدرك بقايا من حواريي عِيسَى عَلَيْهِ السلام.
روى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق [5] ، عَنْ وهب وغيره: أنه كان بالموصل ملك جبار، وكان جرجيس رجلا صالحا من أهل فلسطين فكتم إيمانه فِي عصبة معه يكتمون الإيمان قد أدركوا بقايا من الحواريين [6] ، وكان جرجيس كثير المال عظيم الصدقة، فدخل على ملك الموصل وقد/ نصب صنما، وأوقد نارا، وعرض الناس، فمن لم يسجد للصنم ألقاه فِي النار، فَقَالَ له جرجيس: اعلم أنك عَبْد مملوك ولا تملك لنفسك شيئا ولا لغيرك، وأن فوقك ربا هو الّذي يملكك وغيرك، وإنك عمدت إِلَى خلق من [1] خلقه لا يبصر ولا يسمع فجعلته فتنة للناس، فأمر الملك بخشبة فنصبت، وجعل عليها أمشاط الحديد، وجر عليها حَتَّى تقطع لحمه، ونضح بالخل والخردل، فلم يمت، فضرب فِي رأسه بمسامير من حديد فلم يمت، فألقاه فِي لوح [2] من نحاس قد أوقدوا عَلَيْهِ فلم يمت، فقالوا له [3] : ألم تجد ألم هَذَا العذاب؟ قَالَ: إن ربي حمل عني عذابك وصبرني ليحتج عليك، فخفه عَلَى نفسك وملكك [4] .
فسجنه وضرب فِي يديه أوتادا من حديد، وترك عَلَيْهِ صخرة، فأرسل اللَّه [5] إليه ملكا فخلصه من ذَلِكَ، وَقَالَ له: الحق بعدوك وجاهده فِي اللَّه حق جهاده، فإن الله يقول لك اصبر وأبشر، فإنّي قد ابتليتك بعدوك هَذَا سبع سنين يعذبك ويقتلك فيهن أربع مرات، وأرد إليك روحك، فإذا كانت الرابعة نقلت روحك وأوفيتك أجرك.
فلم يشعروا إلا به عَلَى رءوسهم، فَقَالَ له الملك: من أخرجك؟ قَالَ: أخرجني الذي سلطانه فوق سلطانكم [6] . فمدوه بين خشبتين وقطعوه نصفين، ثم قطعوه قطعا ورموا به إِلَى أسد ضارية، فلما أدركه الليل جمعه اللَّه عز وجل ورد إليه روحه، وأرسل اللَّه إليه ملكا فأطعمه وسقاه وأخرجه، وَقَالَ: الحق بعدوك فجاهده، فإذا به عَلَى رءوسهم، فقالوا: هَذَا ساحر، ثم سألوه آيات فأظهرها، ثم قتلوه فعاد حيا، فآمنت به امرأة الملك وأربعة وثلاثون ألفا، ثم قتلوه فلم يعد.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید