المنشورات
خُرُوجُ عَبْد المطلب برسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم عَنْ منام رقيقة:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ قَالا: أَخْبَرَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بن محمد القرشي قال: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي زحر بن حصين، عن جده حميد بن مُنْهَبٍ قَالَ: قَالَ عَمِّي عُرْوَةُ بْنُ [1] مُضَرَّسٍ.
تحدث نخرمة بن نوفل عن أمه رقيقة ابنة صفي بْنِ هَاشِمٍ وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ [2] سُنُونَ أَقْحَلَتِ الضَّرْعُ وَأَدَقَّتِ العظم. فبينا أنا نائمة اللَّهمّ- أَوْ مَهْمُومَةً- إِذَا هَاتِفٌ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ حَمل يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ [فِيكُمْ] قَدْ أَظَلَّتْكُمْ [3] أَيَّامُهُ، وَهَذَا إِبَّانُ نُجُومِهِ فَحَيِّهَلا بِالْحَيَا وَالْخِصْبِ، أَلا فَانْظُرُوا رَجُلا مِنْكُمْ وَسِيطًا عِظَامًا جِسَامًا، أَبْيَضَ بَضًّا أَوْطَفَ الأَهْدَابِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، أَشْمَّ الْعَرْنَيْنِ، لَهُ فَخْرٌ يَكْظُمُ [عَلَيْهِ] [4] وَسُنَّةٌ تَهْدِي إِلَيْهِ فَلْيُخَلِّصْ [5] هُوَ وَوَلَدُهُ، وَلْيَهْبِطْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَلْيَسْنُوا مِنَ الْمَاءِ، وَلْيَمَسُّوا مِنَ الطِّيبِ، ثُمَّ لِيَسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ لِيَرْتَقُوا أَبَا قُبَيْسٍ، فَلْيَسْتَسْقِ الرَّجُلُ، وَلْيُؤْمِنِ الْقَوْمُ، فَغِثْتُمْ مَا شِئْتُمْ.
فَأَصْبَحْتُ عَلِمَ اللَّهُ مَذْعُورَةً، وَقَدِ اقْشَعَرَّ جِلْدِي وَوَلِهَ عقلي، واقتصصت رؤياي، فو الحرمة وَالْحَرَمِ مَا بَقِيَ أَبْطَحِيٌّ إِلا قَالَ: هَذَا شَيْبَةُ الْحَمْدِ.
فَتَتَامَّتْ [6] إِلَيْهِ رِجَالاتُ قُرَيْشٍ، فَهَبَطَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجَلٌ، فَسَنُوا وَمَسُّوا واستلموا، ثم ارتقوا أبا قُبَيْسَ وَطَبَّقُوا جَانِبَيْهِ فَمَا يَبْلُغُ سَعْيُهُمْ مُهْلَةً، حَتَّى إِذَا اسْتَوَوْا بِذُرْوَةِ الْجَبَلِ قَامَ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ، وَمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ] [7] غُلامٌ قَدْ أَيْفَعَ أَوْ كَرُبَ، فقال:
«اللَّهمّ سَادَّ الْخُلَّةِ، وَكَاشِفَ الْكُرْبَةَ، أَنْتَ مُعَلِّمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَمَسْئُولٌ غَيْرُ مُبْخِلٍ، وَهَؤُلاءِ عِبَادُكَ وَإِمَاؤُكَ بِغَدْرَاتِ [1] حَرَمِكَ يَشْكُونَ إِلَيْكَ سَنَتَهُمْ، أَذْهَبَتِ الْخَفَّ وَالظِّلْفَ، اللَّهمّ فَأَمْطِرْنَا غَيْثًا [2] مُغْدِقًا مُمْرِعًا» .
فو الكعبة مَا زَالُوا حَتَّى تَفَجَّرَتِ السَّمَاءُ بِمَائِهَا وَاكْتَظَّ الْوَادِي بِثَجِيجِهِ، فَلَسَمِعْتُ شِيخَانَ [3] قُرَيْشٍ وَجُلَّتَهَا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانِ، وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَهِشَامَ بن المغيرة، يقولون لعبد المطلب: هَنِيئًا لَكَ أَبَا الْبَطْحَاءِ.
أَيْ: عَاشَ بِكَ أَهْلُ الْبَطْحَاءِ. وَفِي ذَلِكَ [4] تَقُولُ رَقِيقَةُ:
بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا ... لَمَّا فَقَدْنَا الْحَيَا وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجَادَ بِالْمَاءِ جُونِيٌّ لَهُ سُبُلٌ ... سَحًّا فَعَاشَتْ بِهِ الأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ
[مَنْاً مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرِهِ ... وَخَيْرِ مَنْ بَشُرَتْ يَوْمًا بِهِ مُضَرُ] [5]
مُبَارَكُ الأَمْرِ يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الأَنَامِ لَهُ عَدْلٌ وَلا خَطَرٌ
[6]
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
17 ديسمبر 2023
تعليقات (0)