المنشورات

ما جرى في السنة الأولى من زمان النبوة:

قَالَ مؤلف الكتاب [1] : لما تمت له صلى الله عليه وسلم أربعون سنة، ودخل فِي سنة إحدى وأربعين يوم واحد أوحى الله عز وجل إليه وذلك فِي سنة عشرين [2] من ملك [كسرى] [3] أبرويز، وكان قد حبب إليه الخلوة، وكان ينفرد فِي جبل حراء يتعَبْد [4] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قَالَ: حدثنا محمد بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَأَخْبَرَنَا مَعْنُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ جَمِيعًا، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ [5] :
بُعِثَ رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم علي رَأْسِ أَرْبَعِينَ [6] سَنَةً [7] .
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ قال: أخبرنا محمد بن أحمد البراء [8] قال:بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رسول اللَّه [1] صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم وله يومئذ أربعون سنة ويوم، فأتاه جبريل عَلَيْهِ السلام ليلة السبت وليلة الأحد، ثم ظهر له بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بحراء، وهو أول موضع نزل فيه القرآن به نزل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 96: 1- 5 [2] فقط.
ثم فحص بعقبه الأرض، فنبع منها ماء فعلمه الوضوء والصلاة. ركعتين.
وَرَوَى أَبُو قتادة، عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: أنه سئل عَنْ صوم يوم الاثنين، فَقَالَ: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه» [3] . قَالَ مؤلف الكتاب [4] : واختلفوا أي الاثنين كان عَلَى أربعة أقوال [5] :
أحدها: لسبع عشرة [خلت] [6] من رمضان، وقد ذكرناه عَنِ ابْنِ البراء.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قَالَ:
أَخْبَرَنَا الحارث قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا الواقدي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي سبرة، عن إسحاق بن عَبْد الله بن أبي فروة [7] ، عَنْ أبي جعفر [8] قَالَ:
نزل [9] الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان [10] .
والقول الثاني: أن القرآن نزل لأربع وعشرين ليلة [1] خلت من رمضان. رواه قتادة عَنْ أبي الجلد.
والثالث: لثمان عشرة خلت [2] من رمضان. رواه أيوب، عَنْ أبي قلابة عَبْد اللَّه بْن زيد الجرمي.
[والقول] [3] الرابع: أنه كان فِي رجب.
أَخْبَرَنَا سَعْدُ الْخَيْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَنُوسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ الرَّزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصِ بْنِ شاهين قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الْبَزَّارِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ بْنُ أَبِي شَوْذَبٍ، عَنْ مطر الوراق عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ [4] :
مَنْ صَامَ يَوْمَ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سِتِّينَ شَهْرًا، وَهُوَ اليوم الّذي نزل فيه جبريل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ أَوَّلُ يَوْمٍ هَبَطَ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن مالك قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أخبرنا معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلُ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، وَكَانَ يَأْتِي حِرَاءَ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ- وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِي ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ بِمِثْلِهَا حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ، وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ:
مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثم أرسلني فقال: [اقرأ،فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ:] [1] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ 96: 1- 2 حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ 96: 5 [2] فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عنه الروع، فقال: «يا خديجة ما لي» وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرُ [، قَالَ: قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي] [3] فقالت له: كلّا أبشر، فو الله لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ على نوائب الحق، ثم انطلقت [به] [4] خديجة حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَهُوَ ابن عم خديجة، وكان امرأ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فقال ورقة: يا بن أَخِي مَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ:
هَذَا النَّامُوسُ [الأَكْبَرُ] [5] الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُوسَى، يَا ليتني فيها جذعا أَكُونَ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أو مخرجيّ هُمْ؟» قَالَ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ [قَطُّ] [6] بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ، فَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكُ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ.
وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كي يتردّى من رءوس [شَوَاهِقِ] [7] الْجِبَالِ فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ كَيْ [8] يُلْقِي نَفْسَهُ مِنْهُ [9] تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُه وَتَقِرُّ 0 نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ تَبَدَّى لَهُ جبريل فقال مثل ذلك [10] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْفَرَبْرِيُّ قال: حدّثنا البخاري قاله: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ [جَالِسٌ] [2] عَلَى كُرْسِيٍّ بين السماء والأرض فجثيت مِنْهُ رُعْبًا، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي [زَمِّلُونِي] [3] فَدَثَّرُونِي فأنزل الله عز وجل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ 74: 1 [4] . قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ [5] : هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَالَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَدْ رُوى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ [6] أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ خَدِيجَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا يُثْبِتُهُ فِيمَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ من نبوته- يا بن عَمِّ، أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ إِذَا جَاءَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَإِذَا جَاءَكَ فَأَخْبِرْنِي بِهِ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا خديجة، هذا جبريل. قالت: فقم فاجلس عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى فَقَامَ فَجَلَسَ فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ [1] قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ إِلَى فَخِذِي اليمنى [2] فتحول فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ نَعَمْ. [قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي. فَجَلَسَ فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ،] [3] فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا وَقَالَت: هَلْ تَرَاهُ؟
قَالَ: لا. قَالَتْ: يَا بْنَ عَمِّ اثْبُتْ وأبشر، فو الله إِنَّهُ لَمَلِكٌ وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ [4] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عمر بْن حيويه قَالَ: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قَالَ: حدثنا محمد بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللُّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحُجُونِ وَهُوَ مُكْتَئِبٌ حَزِينٌ، فَقَالَ: «اللَّهمّ أَرِنِي [الْيَوْمَ] [5] آيَةً لا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي» فَإِذَا شَجَرَةٌ مِنْ قِبَلِ عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ فَنَادَاهَا فَجَاءَتْ تَشُقُّ الأَرْضَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ، فَسَلَّمَتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهَا فَرَجَعَتْ. فَقَالَ:
«مَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي» [6] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّمَّاكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ يُوسُفَ الْعَلافُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو رَبِيعَةَ وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بن رَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ [7] عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بِالْحُجُونِ فَقَالَ: اللَّهمّ أَرِنِي آيَةً لا أُبَالِي من كذّبني بعدها من قُرَيْشٍ» فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَدَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ تَجُرُّ عُرُوقَهَا [1] تُقَطِّعُهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَجُزُّ الأَرْضَ [حَتَّى] [2] وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَتْ: مَا تَشَاءُ؟ مَا تُرِيدُ؟
قَالَ: «ارْجِعِي إِلَى مَكَانَكِ» فَرَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي مِنْ قُرَيْشٍ»
. فصل
قَالَ مؤلف الكتاب [3] : وقد اختلف الناس [4] فيمن كان قرين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الملائكة مدة نبوته.
فأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بْن حيويه قَالَ: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قَالَ: أَخْبَرَنَا يعلى بْن أسيد قَالَ: حَدَّثَنَا وهيب بْن خالد، عَنْ داود بْن أبي هند، عن عامر [5] :
أن رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم أنزلت عَلَيْهِ النبوة وهو ابن أربعين سنة فكان معه إسرافيل ثلاث سنين [6] . ثم عزل عَنْ إسرافيل وقرن به جبريل عَلَيْهِ السلام عشر سنين بمكة، وعشر سنين مهاجره [7] بالمدينة.
قَالَ ابن سعد: فذكرت هَذَا الحديث لمُحَمَّد بْن عمر فَقَالَ: ليس يعرف أهل العلم ببلدنا أن إسرافيل قرن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم فإن علماءهم وأهل الستر [منهم] [8] يقولون: لم يقرن به غير جبريل من حين أنزل [1] عليه بالوحي إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم [2]
. فصل
فأما صفة نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم [3] فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُظَفَّرُ قَالَ: أخبرنا ابن أعين قال: أخبرنا الفريري قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ [4] : أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» . قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا [5] .
قَالَ مُؤَلِّفُهُ [6] : أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وفيهما: من حديث يعلى بْن أمية: أنه كان يقول لعمر رضي اللَّه عنه: «ليتني أرى رَسُول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم حين ينزل عَلَيْهِ الوحي، فلما كان النبي صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم بالجعرانة جاءه رجل فسأله عَنْ شَيْء فجاءه الوحي، فأشار عمر إِلَى يعلى أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه، فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه [7] .
[وَقَدْ] أَخْبَرَنَا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَهْرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بن مظعون فتكشر إلى رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم، فقال له رسول الله: «أَلا تَجْلِسُ» قَالَ: بَلَى قَالَ [1] : فَجَلَسَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلُهُ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ سَاعَةً إِلَى السَّمَاءِ، فَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى يَمِينِهِ فِي الأَرْضِ فَتَحَرَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ، وَأَخَذَ يَنْفِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ، مَا يَقُولُ [2] لَهُ وَابْنُ مَظْعُونٍ [يَنْظُرُ] [3] فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَاسْتَفْقَهَ مَا يُقَالُ لَهُ شَخَصَ بَصَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ، فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ بِجَلْسَتِهِ الأُولَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَا كُنْتُ أُجَالِسُكَ وَآتِيكَ؟ وَمَا رَأَيْتُكَ تفعل كفعلك الغداة! قاله: «وَمَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ؟» قَالَ: رَأَيْتُكَ تَشْخَصُ بِبَصَرِكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعْتَهُ حَيْثُ وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي، فَأَخَذْتَ تَنْفِضُ رَأْسَكَ [4] كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِهُ شَيْئًا يُقَالُ لَكَ. قَالَ: «وَفَطِنْتَ لِذَلِكَ؟» قَالَ عُثْمَانُ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ [5] آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ» قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَمَا قَالَ [6] لَكَ؟ قَالَ:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 16: 90 [7] .
قَالَ عُثْمَانُ [8] : فَذَلِكَ حِينَ اسْتَقَرَّ الإِيمَانُ فِي قَلْبِي وَأَحْبَبْتُ [مُحَمَّدًا] [9] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [10] .

أَخْبَرَنَا محمد بْن أبي طاهر قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال أخبرنا بِإِسْنَادِهِ [1] .
وَقَالَ أَبُو أَرْوَى الدَّوْسِيُّ: رَأَيْتُ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأنه على راحلته فترغو وتفتل يَدَيَهَا حَتَّى أَظُنُّ أَنْ ذِرَاعَهَا يَنْفَصِمُ، فَرُبَّمَا بَرَكَتْ وَرُبَّمَا قَامَتْ مُؤْتَدَّةً يَدَيْهَا، حَتَّى يُسَرَّى [مِنَ ثِقَلِ الْوَحْيِ،] [2] وَإِنَّهُ لَيَنْحَدِرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [3] .
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
كَانَ إِذَا أُوحِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَذَ لِذَلِكَ سَاعَةً كَهَيْئَةِ السَّكْرَانِ [4]






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید