المنشورات

حنظلة بن أبي عامر، واسمه عبد عمرو، وهو الراهب ابن صيفي بن النعمان بن مالك:

قال خزيمة بن ثابت: ما كان في الأوس والخزرج رجل أوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه، كان يألف اليهود ويسألهم عن الدين فيخبرونه بصفة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هذه دار هجرته، ثم خرج إلى يهود تيماء فأخبروه بمثل ذلك، ثم خرج إلى الشام فسأل النصارى فأخبروه بصفته فرجع وهو يَقُولُ: أنا على دين الحنيفية، فأقام مترهبا ولبس المسوح، وزعم أنه على دين إبراهيم يتوكف خروج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حينئذ حسده وبغى ونافق، وقال: يا محمد أنت تخلط الحنيفية بغيرها، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أتيت بها/ بيضاء نقية، أين ما كان يخبرك الأحبار من صفتي؟» قال:
لست بالذي وصفوا لي، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «كذبت» ، قال: ما كذبت، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الكاذب أماته الله طريدا وحيدا» فقال: آمين.
ثم خرج إلى مكة فكان مع قريش يتبع دينهم، وترك الترهب، ثم حضر أحدا معهم كافرا ثم انصرف معهم كافرا، فلما كان يوم الفتح ورأى الإسلام قد ضرب بجرانه خرج هاربا إلى قيصر فمات هناك طريدا. فقضى قيصر بميراثه لكنانة بن عبد يا ليل، وقال: أنت وهو من أهل المدر، وكان ابنه حنظلة لما أسلم قال: يا رسول الله أقتل أبي؟
قال: لا.
وتزوج حنظلة جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، فأدخلت عليه في الليلة فلما صلى الصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمال إليها فأجنب وأراد الخروج، فأرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدت عليه أنه دخل بها، فقيل لها بعد: لم أشهدت عليه؟ قالت:
رأيت كأن السماء قد فرجت له فدخل فيها ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة وعلقت بعبد الله.
وخرج حنظلة فقاتل واعترض أبا سفيان بن حرب فضرب عرقوب فرسه، فوقع أبو سفيان وجعل يصيح: يا معشر قريش أنا أبو سفيان بن حرب، فعاد الأسود بن عبد يغوث فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه، فمر عليه أبوه وهو إلى جانب حمزة وعبد الله بن جحش، فقال:
إن كنت لأحذرك هذا الرجل من قبل هذا المصرع، والله إن كنت لبرا بالوالد، شريف الخلق، وإن مماتك لمع سراة أصحابك، فإن جزى الله هذا القتيل- يعني حمزة- أو أحدا من أصحاب محمد خيرا فجزاك الله خيرا. ثم نادى: يا معشر قريش، حنظلة لا بمثل به، وإن كان خالفني فإنه لم يأل بنفسه فيما يرى خيرا/ فقال أبو سفيان: حنظلة بحنظلة- يعني حنظلة بن أبي سفيان. وكان قتل يوم بدر.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن» ، فأرسل إلى امرأته فأخبرته أنه خرج وهو جنب، فولده يقال لهم بنو غسيل [الملائكة] [1]





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید