المنشورات

غزاة بدر الموعد لهلال ذي القعدة

وذلك أن أبا سفيان لما أراد أن ينصرف يوم أحد: نادى الموعد بينا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول نلتقي بها فنقتتل، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: «قل نعم إن شاء الله» . فافترق الناس على ذلك، وتهيأت قريش للخروج، فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة، فقال له أبو/ سفيان: إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي ببدر، وقد جاء ذلك الوقت، وهذا عام جدب، وإنما يصلحنا عام خصب، وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج فيجترئ علينا فنجعل لك عشرين فريضة يضمنها لك سهيل بن عمرو عَلَى أن تقدم المدينة فتخذل أصحاب محمد، قال:
نعم. ففعلوا وحملوه على بعير، فأسرع السير، وقدم المدينة فأخبرهم بجمع أبي سفيان لهم وما معه من العدة والسلاح.
فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد» .
واستخلف رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم علي المدينة عبد الله بن رواحة، وحمل لواءه، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسار معه ألف وخمسمائة، والخيل عشرة أفراس، وخرجوا ببضائع لهم وتجارات، وكانت بدر الصغرى [1] مجتمعا يجتمع فيه العرب وسوقا تقوم لهلال ذي القعدة إلى ثمان تخلو منه، ثم يتفرق الناس إلى بلادهم، فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة، وقامت السوق صبيحة الهلال، فأقاموا بها ثمانية أيام وباعوا تجاراتهم وربحوا للدرهم درهما، وانصرفوا وقد سمع الناس بمسيرهم، وخرج أبو سفيان من مكة في قريش وهم ألفان ومعه خمسون فرسا، حتى انتهوا إلى مجنة- وهي وراء الظهران- ثم قال: ارجعوا فإنه لا يصلحنا إلا عام خصب نرعى فِيهِ الشجر ونشرب فيه اللبن، وهذا عام جدب، فسمى أهل مكة ذلك الجيش جيش السويق، يقولون: خرجوا يشربون السويق، فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان: قد نهيتك أن تعد القوم، وقد اجترأوا علينا ورأونا قد أخلفناهم، ثم أخذوا في الكيد والتهيؤ لغزاة الخندق.
أَخْبَرَنَا محمد بْن أبي طاهر، قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب، قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، قال: أخبرنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا حجاج بن محمد، عن ابن/ جريح، عن مجاهد: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً 3: 173 [2] . قال: هذا أبو سفيان قال يوم أحد: يا محمد موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فقال محمد صلى الله عليه وسلم عسى! فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزلوا بدرا، فوافقوا السوق فذلك قوله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ 3: 174 [1] والفضل ما أصابوا من التجارة، وهي غزاة بدر الصغرى.
وفي هذه السنة: أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود، وَقَالَ:
«إِنِّي لا آمَنُهُمْ أَنْ يُبَدِّلُوا كِتَابِي» ، فتعلمه في خمس عشرة ليلة [2] .
وفيها: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودي واليهودية في ذي القعدة، ونزل قوله تعالى:
وَمن لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ 5: 47 [3]






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید