المنشورات

غزاة بني قريظة

وذلك في ذي القعدة، وذلك أن رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وسلم لما انصرف من الخندق جاءه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل حصونهم.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ مَالِكٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فَرَغَ مِنَ الأَحْزَابِ دَخَلَ الْمُغْتَسَلَ لِيَغْتَسِلَ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: أَوَقَدْ وَضَعْتُمُ السِّلاحَ مَا وَضَعْنَا أَسْلِحَتَنَا بَعْدُ انْهَضْ [3] إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جِبْرِيلَ مِنْ خَلالِ الْبَابِ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ [مِنَ] [4] الْغُبَارِ [5] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُطَرِّزُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا/ بِشْرُ بن الْمَعْمَرِيِّ، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
لما رجع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَبَيَّنَا هُوَ عِنْدِي إِذْ دَقَّ الْبَابُ فَارْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَثَبَ وَثْبَةً مُنْكَرَةً، وَخَرَجَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهِ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ عَلَى مَعْرَفَةِ الدَّابَّةِ يَكُلِّمُهُ، فَرَجِعْتُ فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي كُنْتَ تُكَلِّمُهُ؟ قَالَ: وَرَأَيْتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «وَمَنْ تُشَبِّهِينَهُ» ؟ قُلْتُ:
بِدِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَمَرَنِي أَنْ أَمْضِيَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
قال علماء السير [1] : فدعا رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم عليا رضي الله عنه، فدفع إليه لواءه، وبعث بلالا فنادى في النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يأمركم أن لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة، واستخلف [رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم علي المدينة عبد الله] [2] بن أم مكتوم، ثم سار في ثلاثة آلاف، وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا، وذلك في يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة، فحاصرهم خمسة عشر يوما، وقيل: خمسا وعشرين ليلة أشد الحصار ورموا بالنبل والحجر، فلم يطلع منهم أحد.
فلما اشتد الحصار عليهم أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم، فأشار إليهم بيده أنه الذبح، ثم ندم فاسترجع فقال: خنت الله ورسوله، فانصرف فارتبط في المسجد ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله توبته، ثم نزلوا على حكم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر بهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن مسلمة فكتفوا ونحوا ناحية. وأخرج النساء والذرية فكانوا ناحية، وجمع أمتعتهم فكانوا [ألفا] [2] وخمسمائة سيف، وثلاثمائة درع، وألفي رمح، [وألفا] [3] وخمسمائة ترس وحجفة، وجمالا كانت نواضح وماشية كثيرة. وكان لهم خمر فأريق، وكلمت الأوس رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يهبهم لهم، وكانوا حلفاءهم/ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكم فيهم إلى سعد بن معاد، فحكم فيهم أن يقتل كل من جرت عليه الموسى [4] ، وتسبى النساء والذراري، وتقسم الأموال. فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لقد حكمت فيهم بحكم اللَّه من فوق سبعة أرقعة» .
ونزل ثعلبة وأسيد ابنا شعبة، وأسد بن عبيد ابن عمهم، فقالوا: إنكم لتعلمون أنه نبي، وأن صفته عندنا فأسلموا، فدفع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أهليهم وأموالهم.
وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الخميس لتسع خلون من ذي الحجة، وأمر بهم فأدخلوا المدينة، وحفر لهم أخدودا في السوق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أصحابه، وأخرجوا إليه فضرب أعناقهم، وكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت عمرو لنفسه، فأسلمت وبقيت في ماله حتى توفي عنها، وأمر بالغنائم فجمعت فأخرج الخمس، وأمر بالباقي فبيع فيمن يزيد، وقسمه بين المسلمين وكانت السهمان على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما، للفرس سهمان ولصاحبه سهم
. وفي هذه الغزاة [1] : نهى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يفرق بين الأم وولدها. وفي ذي الحجة: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا إلى الغابة فسقط عنه، فخدش فخذه الأيمن فأقام في البيت خمسا يصلي قاعدا.
وفي هذا الشهر: رجفت المدينة، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله مستعتبكم فاعتبوا» . وفيها: دفت دافّة من بني عامر بن صعصعة، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يبقى من ضحاياكم بعد ثالثة شيء» .




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید