المنشورات

سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم في المحرم

وذلك أن رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وسلم بعث عيينة في خمسين فارسا ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري. فكان يسير الليل ويكمن النهار، فهجم عليهم في صحراء فدخلوا وسرحوا مواشيهم فهربوا، وأخذ منهم أحد عشر رجلا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبيا فحبسوا بالمدينة، فقدم فيهم عدة من رؤسائهم منهم: عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس.
فلما رأوهم بكى إليهم النساء والذراري، فعجلوا فجاءوا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم، فنادوا: يا مُحَمَّد أخرج إلينا، فنزل فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ من وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 49: 4 [2] فرد عليهم الأسراء والسبي.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ علي الجوهري، قَالَ:
[أخبرنا] أبو عمرو بن حيوية، قال: حدثنا أبو الْحَسَنِ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الفهم، قال: أخبرنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عن الزهري، قال: أخبرنا محمد بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بِشْرَ بْنَ سُفْيَانَ/ وَيُقَالُ: النَّحَّامَ عَلَى صَدَقَاتِ بني كعب،فَاسْتَكْبَرَ ذَلِكَ بَنُو تَمِيمٍ وَشَهَرُوا السُّيُوفَ، فَقَدِمَ الصَّدْقُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ:
مَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ، فَانْتَدَبَ لَهُمْ عُيَيْنَةَ فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا مِنَ الْعَرَبِ لَيْسَ فِيهِمْ مُهَاجِرِيُّ وَلا أَنْصَارِيُّ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَثَلاثِينَ صَبِيًّا، فَجَلَبَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمَ فِيهِمْ عِدَّةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِي تَمِيمٍ: عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُعَيْمُ بْنُ سَعْدٍ، وَالأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَيُقَالُ: كَانُوا تِسْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ، فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَقَدْ أَذَّنَ بِلالٌ الظُّهْرَ وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَجِلُوا وَاسْتَبْطَئُوا فَنَادَوْهُ: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا، فَخَرَجَ فَأَقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ فصلى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الظُّهْرِ ثُمَّ أَتَوْهُ، فَقَالَ الأَقْرَعُ:
ائْذَنْ لِي فو الله إِنَّ حَمْدِي لَزَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي لَشَيْنٌ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كذبت ذَاكَ اللَّهُ تَعَالَى» . ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ فَخَطَبَ خَطِيبُهُمْ وَهُوَ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: أَجِبْهُ، فَأَجَابَهُ، ثُمَّ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ائْذَنْ لِشَاعِرِنَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَأَنْشَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: أجبه، فأجابه بِمِثْلِ شِعْرِهِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَخَطِيبُهُ أَبْلَغُ مِنْ خَطِيبِنَا وَلَشَاعِرُهُ أَبْلَغُ مِنْ شَاعِرِنَا، وَلَهُمْ أَحْلَمُ مِنَّا، فَنَزَلَ فِيهِمْ: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 49: 4 [1] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: «هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ» ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَسْرَى وَالسَّبْيَ، وَأَمَرَ لَهُمْ بُالْجَوَائِزِ كَمَا كَانَ يُجِيزُ الْوُفُودَ






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید