المنشورات

الثني والزميل

ثم خرج خالد من المصيخ، فبدأ بالثني، فبيت أهله وسبى، وبعث بخمس الله إلى أبي بكر، فاشترى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الصهباء ابنة ربيعة بن بجير، فاتخذها فولدت له عَمْرو ورقية.
وكان خالد قد بعث بالمثنى إلى العراق، فأغار على سوق فيها جمع لقضاعة، وهي مكان بغداد اليوم وطعن خالد في البر، وأراد أن يمضي من قراقر إلى سواء، وهما ماءان لكلب، فخاف الضلال، فدلوه على رافع بن عمرو الطائي، وكان هاديا، فقال لخالد: إن الراكب المنفرد ليخاف على نفسه في هذه المفازة، وما يسلكها إلا مغرور، وأنت معك أثقال، فقال: لا بد أن أسلكها، فقال رافع: من استطاع منكم أن يصير أذن راحلته على ماء فليفعل، ثم قَالَ: ابغني عشرين جزورا عظاما سمانا، فأتى بها فأظمأهن حتى أجهدهن عطشا، ثم سقاهن من الماء حتى أرواهن، ثم قطع مشافرهن، ثم جمعهن حتى لا يحترزن فيفسد الماء في أجوافهن، ثُمَّ قال لخالد: سر، فسار فكلما نزلوا نحر من تلك الجزور أربعا فأخذ ما في بطونهن من الماء فسقاه الخيل وشرب الناس مما تزودوا، حتى إذا كان صبيحة اليوم السادس نحر الجزر كلها قال خالد لرافع: ويحك ما عندك؟ قال: أدركت الري إن شاء الله.
وكان رافع يومئذ أرمد، فقال: انظروا، هل ترون شجر عوسج على ظهر الطريق؟
قالوا: لا، قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، قد والله إذن هلكت وأهلكت، لا أبا لكم انظروا، فما زوال يطلبونها حتى رأوها، فقال: التمسوا قربها ماء، فنظروا فوجدوا عينا فشربوا وارتوا، فقال رافع: ما سلكتها قط إلا مع أبي وأنا غلام، فقال بعض المسلمين في ذلك ارتجازا:
للَّه در خالد أنى اهتدى ... في زمن قراقر إلى سوى
خمسا إذا ما ساره الجيش بكى ... ما سارها قبلك إنسان أرى
عند الصباح يحمد القوم السرى
قال: فأغار خالد على ناس من ثعلب وبهرا وعلى غسان






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید