المنشورات

حديث الفراض

ثم قصد الفراض، فحميت الروم واغتاظت واستعانوا بمن يليهم من مشايخ أهل فارس، واستمدوا تغلبا وإيادا والنمر فأمدوهم، ثم ناهدوا خالدا حتى إذا صار الفراض [1] بينهم، قَالُوا: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر/ إليكم، قال خالد: بل اعبروا إلينا، قالوا:
فتنحوا حتى نعبر، فقال خالد: لا نفعل ولكن اعبروا أسفل منا، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة اثنتي عشرة، فقالت الروم وفارس بعضهم لبعض: احتسبوا ملككم، هذا رجل يقاتل عن دين، والله لينصرن ولنخذلن، فعبروا، فقالت الروم: امتازوا حتى نعرف الحسن والقبيح من أينا يجيء، ففعلوا فقاتلوا قتالا طويلا، ثم هزمهم الله، وقال خالد للمسلمين: ألحوا عليهم [ولا ترفهوا عنهم] [2] . فقتل يوم الفرار مائة ألف، وأقام هناك بعد الوقعة عشرا، ثم أذن في القفول إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأمر عاصم بن عمرو أن يسير بهم، وأمر شجرة بن الأغر أن يسوقهم، وأظهر خالد أنه في الساقة.
[حجة خالد] [1] وخرج خالد حاجا من الفراض [2] متكتما بحجه، يعتسف البلاد [3] حتى أتى مكة بالسمت [4] ، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت له بدليل، وصار طريقا من طرق أهل الحيرة، فلما علم أبو بكر بذلك عتب عليه، وكانت عقوبته له أن صرفه إلى الشام، وكتب إليه:
سر حتى تأتي بجموع المسلمين باليرموك، وإياك أن تعود لما فعلت، وأتم يتم الله لك ولا يدخلك عجب فتخسر، وإياك أن تدل بعملك فإن الله له المن، وهو ولي الجزاء.
وهذا كله كان في سنة اثنتي عشرة





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید