المنشورات

موت أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

[قَالَ مؤلف الكتاب] [1] : في سبب موته قولان:
أحدهما: أن اليهود سمته في حريرة [2] ، أكل منها هو والحارث بن كلدة، فأخذ منها الحارث لقمة ثم قال: كف فقد أكلت طعاما مسموما سم سنة فماتا جميعا للسنة يوم مات أبو بكر.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ عَنْ [عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيِّ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ،] [3] عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْحَارِثَ بْنَ كَلْدَةَ كَانَا يَأْكُلانِ حَرِيرَةً أُهْدِيَتْ لأَبِي بكر، فقال الحارث: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا لَسُمَّ سَنَةً وَأَنَا وَأَنْتَ نَمُوتُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فَلَمْ يَزَالا عَلِيلَيْنِ حَتَّى مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ انْتِهَاءِ السَّنَةِ.
والقول الثاني: ذكره الواقدي عن أشياخه [4] : أن أبا بكر رضي الله عنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما، فكان لا يخرج إلى الصلاة، وأمر عمر أن يصلي بالناس، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه.
رَوَى [هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،] [5] عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي فَأَثَبْتُ الْمَوْتَ فِيهِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ:
مَنْ [لا] [6] يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ [لا بُدَّ] [7] مَرَّةً مَدْفُونُ.
فَقَالَ [أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [8] : لَيْسَ كَمَا قُلْتِ، بَلْ: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ 50: 19بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ 50: 19 [1] . قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْتُ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ، قَالَ: فَإِنِّي أَرْجُو مِنَ اللَّهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ، فَلَمْ يَتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
/ قَالَتْ [2] : ثُمَّ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ. قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلم؟
قالت: في ثلاثة أثواب بيض يَمَانِيَّةٍ. قَالَتْ فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ كَانَ عَلَيْهِ يُمَرَّضُ فِيهِ، فِيهِ دِرْعُ زَعْفَرَانَ أَوْ مَشْقٌ، فقال: اغسلوا هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَكَفِّنُونِي، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلِقٌ، قَالَ: إِنَّ [الْحَيَّ] [3] أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ- يَعْنِي الصَّدِيدَ. قَالَتْ: فَغَسَلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ فِيهِ.
توفي أبو بكر في مساء ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء، ودفن ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال.
وقال أبو معشر: أربعة أشهر إلا أربع ليال، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وغسلته امرأته أسماء بنت عميس، أوصاها بذلك، فقالت: لا أطيق، فقال: يعينك عبد الرحمن. ولما توفي حمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وصلى عليه عمر في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بين القبر والمنبر، وكبر عليه أربعا، ودخل قبره عمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وكان قد أوصى أن يدفن إلى [جنب] [4] رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، [فحفر له] [5] فجعل رأسه عند كتفي رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وألصقوا اللحد باللحد.
[قَالَ] مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ [6] : [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ] ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الزبير، قال:رَأْسُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ كَتِفَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [1] ، وَرَأْسُ عُمَرَ عِنْدَ حِقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ.
ولما توفي أبو بكر رضي الله عنه نعي إلى أبيه أبي قحافة فقال: رزء جليل، وورث أبو قحافة السدس من ماله، وقال: قد رددت ذلك على ولد أبي بكر رضي الله عنه.
ومن الحوادث في هذه السنة خلافة عمر رضي الله عنه






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید