المنشورات

خبر المثنى بن حارثة وأبي عبيد بن مسعود

قد ذكرنا أن عمر أول ما ولي ندب الناس مع المثنى بن حارثة الشيباني إلى أهل فارس قبل صلاة الفجر، من الليلة التي مات فيها أبو بكر رضي الله عنه، ثم أصبح فبايع الناس، وعاد فندب الناس [إلى فارس] [7] ، وكان وجه فارس من أكره الوجوه إليهم وأثقلها عليهم، لشدة سلطانهم [وشوكتهم] [1] وقهرهم الأمم.
فلما كان اليوم الرابع، عاد فندب الناس إلى العراق، فقال: إن الحجاز ليس لكم بدار إلا على النجعة، ولا يقوى عليه أهله إلا بذلك، سيروا في الأرض التي وعدكم الله في الكتاب أن يورثكموها فإنه قال: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ 9: 33 [2] ، والله مظهر دينه، ومعز ناصره [3] ، ومولي أهله مواريث الأمم. أين عباد الله الصالحون.
وكان أول منتدب أبو عبيد بن مسعود، ثم ثنى سعد بن عبيد [4] ويقال: سليط بن قيس- وتكلم المثنى بن حارثة، فقال: أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه، فإنا قد تبحبحنا ريف فارس، وغلبناهم على خير السواد، وشاطرناهم ونلنا منهم، ولها إن شاء الله ما بعدها.
فلما اجتمع البعث قيل لعمر: أمر عليهم رجلا من السابقين من المهاجرين والأنصار، فَقَالَ: لا والله لا أفعل، إن الله إنما رفعكم بسبقكم وسرعتكم [5] إلى العدو، فإذا كرهتم اللقاء فأولى بالرياسة منكم من أجاب، لا أؤمر عليهم إلا أولهم انتدابا.
وانتخب عمر ألف رجل، ثم دعا أبا عبيدة فأمره على الخيل، ثم قال له: اسمع من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وأشركهم في الأمر، فإن الحرب لا يصلحها إلا الرجل الذي يعرف الفرصة والكف، / فقال أبو عبيد: أنا لها، فكان أول بعث بعثه عمر بعث أبي عبيد، ثم بعث يعلى بن أُمَيَّة إلى اليمن، وأمره بإجلاء أهل نجران، لوصية رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ في مرضه بذلك، ولوصية أبي بَكْر رضي الله عنه بذلك في مرضه.
ثم ندب أهل الردة فأقبلوا سراعا من كل أوب فرمى بهم الشام والعراق، وكتب إلى أهل اليرموك بأن عليكم أبا عبيد، وكان أول فتح أتاه اليرموك.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید