المنشورات

عمرو بن الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم

كان أبوه ورد على رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بمكة.
[أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَرَ البرمكي، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْن حيوية، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن معروف، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الدَّوْسِيِّ] [1] ، قَالَ:
كَانَ الطُّفَيْلُ الدَّوْسِيُّ رَجُلا شَرِيفًا شَاعِرًا كَثِيرَ الضِّيَافَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ، فَلَقِيَهُ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادَنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ [وَبَيْنَ أَخِيهِ] [2] ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مِثْلَ مَا دَخَلَ/ عَلَيْنَا مِنْهُ، فَلا [تُكَلِّمْهُ وَلا] [3] تسمع منه. قال: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلا أُكَلِّمَهُ، فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ حَشَوْتُ أُذُنِي قُطْنًا [4] ، [فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ] [5] ، فَكَانَ يُقَالُ لِي: ذُو الْقُطْنَتَيْنِ.
[قَالَ: فَغَدَوْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدَ] [6] ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي [عِنْدَ الْكَعْبَةِ] [7] ، فَقُمْتُ قَرِيبًا منه فسمعت بعض قوله، فقتل فِي نَفْسِي: وَاثَكْلَ أُمِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ القبيح، فما يمنعي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا [الرَّجُلِ] [8] ، فَإِنْ كَانَ حَسَنًا قَبِلْتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ.
فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ، فَعَرَضَ عَلِيَّ الإِسْلامَ، وَتَلا الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا وَلا أَعْدَلَ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي، وَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ فَدَاعِيهِمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللَّهمّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً» . فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةٍ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ الْمِصْبَاحِ، فَقُلْتُ: اللَّهمّ فِي غَيْرِ وَجْهِي، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا بِي مُثْلَةً وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِ دِينِهِمْ، فَتَحَوَّلَ النُّورُ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي، فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءُونَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ، فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَسْتَ مِنْ ديني، ولست منك، قال: ولم يا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: يَا بُنَيَّ دِينِي دِينُكَ. [قَالَ] [1] : فَقُلْتُ: فَاذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ، فَفَعَلَ فَجَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الإِسْلامَ، ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي، فَقُلْتُ: إِلَيْكِ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكِ [2] وَلَسْتِ مِنِّي، قَالَتْ: وَلِمَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قُلْتُ: فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الإِسْلامُ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَتْ: دِينِي دِينُكَ، فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الإِسْلامِ/ فَأَبْطَئُوا عَلَيَّ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلم، فقلت: قد غَلَبَتْنِي دَوْسٌ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللَّهمّ اهْدِ دَوْسًا» . وَقَالَ لِي: «اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهْمُ وَارْفُقْ بِهِمْ» . فَخَرَجْتُ أَدْعُوهُمْ حَتَّى هَاجَرَ النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَضَتْ بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ، ثُمَّ قَدِمْتُ بِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ [قَوْمِي] [3] وَرَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ، وَلَحِقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنَا فِي مَيْمَنَتِكَ، وَاجْعَلْ شعارنا مبرور، فَفَعَلَ.
فَلَمْ أَزَلْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ حَتَّى فَتَحَ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: ابْعَثْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلى ذِي الْكَفَّيْنِ، صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ أُحَرِّقُهُ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ فَحَرَّقَهُ، فَلَمَّا أَحْرَقَهُ بَانَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ [4] ، فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا، وَرَجَعَ الطُّفَيْلُ، فَكَانَ مع النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ.
فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَجَاهَدَ، ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرٌو، فَقُتِلَ الطُّفَيْلُ بِالْيَمَامَةِ، وَقُطِعَتْ يَدُ ابْنِهِ، ثُمَّ اسْتَبَلَ وَصَحَّتْ يده.
فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ أُتِيَ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى عَنْهُ، فقال عمر: مالك لَعَلَّكَ تَنَحَّيْتَ لِمَكَانِ يَدِكَ؟ قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك، فو الله مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ بَعْضُهُ فِي الْجَنَّةِ غَيْرُكَ. ثُمَّ خَرَجَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي خِلافَةِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فَقُتِلَ شَهِيدًا






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید