المنشورات

عكرمة بن أبي جهل، واسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:

[أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي طاهر، قال: أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال:
أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ] [2] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ هَرَبَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ إِلَى الْيَمَنِ، وَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، [فَجَاءَتْ زَوْجَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ] [3] / وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَلِيمِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ امْرَأَةً لَهَا عَقْلٌ، وَكَانَتْ قَدِ اتبعت رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَمِّي عِكْرِمَةَ قَدْ هَرَبَ مِنْكَ [إِلَى الْيَمَنِ] ، وَخَافَ أَنْ تَقْتُلَهُ فَأَمِّنْهُ، قَالَ: «قَدْ أَمَّنْتُهُ بِأَمَانِ اللَّهِ، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلا يَعْرِضْ لَهُ» فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِهِ، فَأَدْرَكَتْهُ فِي سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ تِهَامَةَ وَقَدْ رَكِبَ الْبَحْرَ، فَجَعَلَتْ تُلَوِّحُ إِلَيْهِ وَتَقُولُ: يَا بن عَمٍّ، جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَوْصَلِ النَّاسِ، وَأَبَرِّ النَّاسِ، وَخَيْرِ النَّاسِ، لا تُهْلِكْ نَفْسَكَ وَقَدِ اسْتَأْمَنْتُ لَكَ فَأَمَّنَكَ، فَقَالَ: أَنْتِ فَعَلْتِ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَنَا كَلَّمْتُهُ فَأَمَّنَكَ، فَرَجَعَ مَعَهَا، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: «يَأْتِيكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فَلا تَسُبُّوا أَبَاهُ، فَإِنَّ سَبَّ الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت» .
قَالَ: فَقَدِمَ عِكْرِمَةُ فَانْتَهَى إِلَى بَابِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَزَوْجَتُهُ مَعَهُ مُتَنَقِّبَةً، قَالَ:
فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَدَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِقُدُومِ عِكْرِمَةَ، فَاسْتَبْشَرَ وَوَثَبَ قَائِمًا عَلَى رجليه وما على رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ رِدَاءٌ فَرِحًا بِعِكْرِمَةَ، وَقَالَ: أَدْخِلِيهِ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذِهِ أَخْبَرَتْنِي أَنَّكَ أَمَّنْتَنِي، فقال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ وَأَنْتَ آمِنٌ» ، قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَقُلْتُ: أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَصْدَقُ النَّاسِ، وَأَوْفَى النَّاسِ، أَقُولُ ذَلِكَ وَإِنِّي لَمُطَأْطِئُ الرَّأْسِ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَغْفِرْ لِي كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَيْتُكَهَا أَوْ مَرْكَبٍ أُوضِعْتُ فِيهِ أُرِيدُ بِهِ إِظْهَارَ الشِّرْكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اغْفِرْ لِعِكْرِمَةَ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا، أَوْ نَطَقَ بِهَا أَوْ مَرْكَبٍ أُوضِعَ فِيهِ/ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّ عَنْ سَبِيلِكَ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِخَيْرِ مَا تَعْلَمُ فَأَعْمَلَهُ، قَالَ: «قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَجَاهِدْ فِي سَبِيلِهِ» ثُمَّ قَالَ عِكْرِمَةُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أَدَعُ نَفَقَةً كُنْتُ أَنْفَقْتُهَا فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا قِتَالا كُنْتُ أُقَاتِلُ فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلا أَبْلَيْتُ ضِعْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ اجْتَهَدَ فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ أَجْنَادِينَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَامَ حَجٍّ عَلَى هَوَازِنَ بِصَدَقَتِهَا.
[قال محمد بن سعد: وأخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب] [1] ، عن ابن أبي مليكة، قال:
لما كان يوم الفتح ركب عكرمة بن أبي جهل البحر هاربا يجب بهم البحر، فجعلت الصواري يدعون الله عز وجل ويوحدونه، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله عز وجَلَّ، قال: فهذا إله محمد الذي يدعونا إليه، فارجعوا بنا، فرجع فأسلم. وكانت امرأته أسلمت قبله وكانا على نكاحهما.
[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ] [2] ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، قَالَ:
قال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يَوْمَ جِئْتُهُ: «مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا عَلَيْكَ إِلا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. [قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ] [1] ، عَنْ هِشَامِ [بْنِ يحيى] المخزومي، قال: قال شَيْخٌ لَنَا:
لَمَّا قَدِمَ عِكْرِمَةُ الْمَدِينَةَ جَعَلَ النَّاسُ يَتَنَادَوْنَ: هَذَا ابْنُ أَبِي جَهْلٍ، هَذَا ابن أبي جهل، فانطلق موايلا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: مَا شَأْنِي، لا أَخْرُجُ إِلَى طَرِيقٍ وَلا سُوقٍ إِلا يُنَادَى بِي: هَذَا ابْنُ أَبِي جَهْلٍ، فدخل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ/ فِي خِلالِ ذَلِكَ، فَذَكَرَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي مَقَالَتِهِ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُؤْذُونَ الأَحْيَاءَ بِشَتْمِ الأَمْوَاتِ، أَلا لا تُؤْذُوا الأَحْيَاءَ بِشَتْمِ الأَمْوَاتِ» . [قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ] [2] :
أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ كَانَ إِذَا أَجْهَدَ الْيَمِينَ، قَالَ: لا والّذي نجاتي يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ يَضَعُ الْمُصْحَفَ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: كِتَابُ رَبِّي كِتَابُ رَبِّي





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید