المنشورات

أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمرو بن العاص مناجزة صاحب إيليا

قال علماء السير [5] : لما انصرف أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حمص نزل عمرو وشرحبيل عَلَى أهل بيسان فافتتحاها وصالحه أهل الأردن، فاجتمع عسكر الروم بأجنادين وبيسان وغزة، وكتبوا إلى عمر بتفرقهم فكتب إلى يزيد: كن في ظهورهم،وسرح معاوية إلى قيسارية، وكتب إلى عمرو يصدم الأرطبون، وإلى علقمة يصدم الفيقار.
فسار [1] معاوية إلى قيسارية، فهزم أهلها وحصرهم فيها، فجعلوا كلما خرجوا إليه هزمهم وردهم إلى حصنهم، ثم قاتلوا فبلغت قتلاهم ثمانين ألفا، وكملت في هزيمتهم بمائة ألف. وانطلق علقمة، فحصر الفيقار بغزة، وصمد عمرو إلى الأرطبون ومن بإزائه، وخرج معه شُرَحْبيل بن حسنة على مقدمته، فنزل على الروم بأجنادين والروم في حصونهم، وعليهم الأرطبون، وكان أدهى الروم وأبعدهم غورا، وكان قد وضع بالرملة جندا عظيما، وبإيلياء جندًا عظيما، فأقام عمرو على أجنادين لا يقدر من الأرطبون على شيء، فوليه بنفسه ودخل عَلَيْهِ كأنه رسول، فأبلغه ما يريد، وسمع كلامه، وتأمل حصنه، فقال الأرطبون في نفسه: هذا عَمْرو، ثم دعا حرسيا، فقال: أخرج، فأقم مكان كذا وكذا، فإذا مر بك فاقتله، وفطن له عمرو، فَقَالَ: قد سمعت مني وسمعت منك، وأنا واحد من عشرة بعثنا عمر مع هذا الوالي، فأرجع فآتيك بهم، فإن رأوا في الذي عرضت مثل الذي أرى، وإلا رددتم إلى مأمنهم. فقال: نعم، ثم قَالَ لرجل كان هناك:
اذهب إلى فلان فرده إلي، ثم بان له أن عمرو قد خدعه، فبلغ الخبر إلى عمر، فقال: للَّه در عمرو، ثم التقوا بأجنادين، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى بينهم، وانهزم أرطبون، فأوى إلى إيلياء، ونزل عمرو بأجنادين، فكتب إليه أرطبون: والله لا تفتح من فلسطين شيئا بعد أجنادين، فارجع لا تغن [2] ، وإنما صاحب الفتح رجل اسمه عَلَى ثلاثة أحرف، فعلم عمرو أنه عمر، فكتب إلى عمر يعلمه أن الفتح مدخر له، فنادى له النّاس، واستخلف علي بن أبي طالب، فقال له علي: أين تخرج بنفسك؟ / فقال: أبادر لجهاد العدو موت العباس، إنكم لو قد فقدتم العباس لانتقض بكم الشر كما ينتقض [أول] ( [3] الحبل.
فمات العباس لست خلون من إمارة عثمان، وانتقض بالناس الشر.
وخرج حتى نزل بالجابية، وكتب إلى أمراء الأجناد أن يستخلفوا على أعمالهم ويوافوه بالجابية، فكان أول من لقيه يزيد، ثم أبو عبيدة، ثم خالد. ودخل الجابية فقال رجل من يهود دمشق: السلام عليك يا فاروق، أنت والله صاحب أيلة، لا والله لا ترجع حتى تفتح إيلياء، فجاء أهل السير، فصالحوه على الجزية، وفتحوها له.
وقد ذكر قوم أن ذلك كان سنة أربع عشرة، وجميع خرجات عمر أربع، فأما الأولى فإنه خرج عَلَى فرس، والثانية على بعير، وفي الثالثة قصر عنها لأجل الطاعون دخلها فاستخلف عليها، و [خرج] [1] في الرابعة على حمار.
فلما كتب لأهل إيلياء كتاب أمان فرق فلسطين بين رجلين، فجعل علقمة بن حكيم على نصفها وأنزله [الرملة، وجعل علقمة بن محمد على نصفها وأنزله] [2] إيلياء.
وقيل: كان فتح فلسطين في سنة ست عشرة





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید