المنشورات

فرض العطاء، وعمل الدواوين

أن عمر فرض الفروض، ودون الدواوين، وأعطى العطاء على مقدار السابقة في الإسلام، فكلمه/ صفوان بن أمية، وسهيل، والحارث بن هشام [2] في تقليل عطائهم، فقال: إنما أعطيكم على السابقة في الإسلام لا على الأحساب، فقالوا:
فنعم إذا، وأخذوا، ثم أعطى سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام أربعة آلاف معونة على جهادهما، فلم يزالا مجاهدين حتى أصيبا في بعض تِلْكَ الدروب.
وقال ابن إسحاق: إنما ماتا في طاعون عمواس [3] .
وقيل: بل دون الدواوين في سنة عشرين.
ولما كتب [4] عمر الدواوين قال له عبد الرحمن وعثمان وعلي: ابدأ بنفسك، فقال: لا بل أبدأ بعم رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ثم الأقرب فالأقرب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فبدأ بالعباس، ففرض له خمسة وعشرين ألفا، وقيل: اثني عشر ألفا، ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف، وأدخل في أهل بدر من غير أهلها الحسن والحسين فأبا ذر وسلمان.
ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف أربعة آلاف، ثم فرض لمن بعد الحديبية إِلى الردة ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف، ولمن ولي الأيام قبل القادسية وأصحاب اليرموك، ألفين ألفين، ثم فرض لأهل البلاء البارع [5] ألف وخمسمائة ألف وخمسمائة [6] ، وللروادف الذين ردفوا بعد افتتاح القادسية واليرموك ألفا ألفا، ثم لمن ردف الروادف خمسمائة خمسمائة، ثم لمن ردف أولئك ثلاثمائة ثلاثمائة، وسوى كل طبقة في العطاء ليس بينهم تفاضل، قويهم وضعيفهم، عربهم وعجمهم، ثم فرض لمن ردف أولئك خمسين ومائتين، ولمن ردفهم مائتين، وكان آخر من فرض له أهل هجر على مائتين.
وفرض لأزواج رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عشرة آلاف عشرة آلاف، ووصل عائشة [1] بألفين فأبت، فقال: هذا بفضل منزلتك عند رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، / فإذا أخذتيها فشأنك.
وجعل نساء أهل بدر على خمسمائة خمسمائة، ونساء ما بعد بدر إلى الحديبية على أربعمائة، ونساء ما بعد ذلك على ثلاثمائة، ونساء أهل القادسية مائتين. والصبيان من أهل بدر وغيرهم مائة. وقال قائل [2] : يا أمير المؤمنين، لو تركت في بيوت الأموال عدة تكون لحادث، فقال: كلمة ألقاها الشيطان على فيك، وقاني الله عز وجل شرها، وهي فتنة لمن بعدي، بل أعد لهم طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله، فهما عدتنا التي أفضينا بها إلى ما ترون، فإذا كان هذا المال ثمن دين أحدكم هلكتم.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن بِشْرَان، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن صفوان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ] [3] ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ فصليْتُ الْعِشَاءَ مَعَهُ [4] ، فَلَمَّا رَآنِي سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فقال: ما قدمت به؟ قلت: قدمت بخمسمائة أَلْفٍ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا تَقُولُ/ قُلْتُ: مِائَةُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ وَمِائَةُ أَلْفٍ حَتَّى عَدَدْتُ لَهُ خَمْسًا، قَالَ: إِنَّكَ نَاعِسٌ ارْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ فَنَمْ ثُمَّ اغْدُ عَلَيَّ، قَالَ: فَغَدَوْتُ عليه، فقال: بماذا جئت؟ قلت: خمسمائة أَلْفٍ، قَالَ: أَطَيِّبٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لا أَعْلَمُ إِلا ذَلِكَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ كَثِيرٌ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعُدَّهُ لَكُمْ عَدَدًا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَكِيلَهُ لَكُمْ كَيْلا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ هَؤُلاءِ الأَعَاجِمَ يُدَوِّنُونَ دِيوَانًا،فَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، فَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، وَالأَنْصَارِ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ، وَفَرَضَ لأَزْوَاجِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْفَهِمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ] [1] ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ:
أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَضَ لأَهْلِ بَدْرٍ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ سِتَّةَ آلافٍ سِتَّةَ آلافٍ، وَفَرَضَ لأَزْوَاجِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَفَضَّلَ عَلَيْهِنَّ عَائِشَةَ، فَفَرَضَ لَهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَلِسَائِرِهِنَّ فِي عَشْرَةِ آلافٍ غَيْرَ جُوَيْرِيَةَ وَصَفِيَّةَ، / فَرَضَ لَهُمَا فِي سِتَّةِ آلافٍ، وَفَرَضَ لِلْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمِّ عَبْدٍ أُمِّ ابن مسعود ألفا أَلْفًا.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَاجِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قالا: أخبرنا ابن النقور، أخبرنا المخلص، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سَيْفٍ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ سَيْفٍ] [2] ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَالْمُهَلَّبِ، وَعَمْرٍو، وَطَلْحَةَ، وَسَعِيدٍ، قَالُوا:
لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقُتِلَ رُسْتُمُ، وَقَدِمَتْ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فُتُوحٌ مِنَ الشَّامِ، جَمَعَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِلْوَالِي مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ [3] فَقَالُوا: أَمَّا لِخَاصَّتِهِ فَقُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ، لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ، وَكُسْوَتُهُ وَكُسْوَتُهُمْ لِلشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَدَابَّتَانِ لِجِهَادِهِ وَحَوَائِجِهِ وَحُمْلانُهُ إِلَى حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَالْقَسْمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَأَنْ يُعْطِيَ أَهْلَ الْبَلاءِ عَلَى قَدْرِ بَلائِهِمْ وَيَرُمَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ، وَيَتَعَاهَدَهُمْ فِي الشَّدَائِدِ وَالنَّوَازِلِ حَتَّى تَنْكَشِفَ، وَيَبْدَأَ بِأَهْلِ الْفَيْءِ.
و [عن سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ] [4] ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قال:

جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ فَتْحُ الْقَادِسِيَّةِ وَدِمَشْقَ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا يُغْنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِيَالِي بِتِجَارَتِي، وَقَدْ شَغَلْتُمُونِي بِأَمْرِكُمْ هَذَا، فَمَاذَا تَرَوْنَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِي مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَاكِتٌ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: مَا أَصْلَحَكَ وَأَصْلَحَ عِيَالَكَ بِالْمَعْرُوفِ، لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ غَيْرُهُ، فَقَالَ:
الْقَوْلُ [1] مَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب [2] .
و [عن سَيْفٍ، عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ الْفُضَيْلِ] [3] ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ [4] :
لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَعَدَ عَلَى رِزْقِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي كَانُوا فَرَضُوا لَهُ، فَكَانَ بِذَلِكَ، فَاشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَقَالَ: الزُّبَيْرُ: لَوْ قُلْنَا لِعُمَرَ فِي زِيَادَةٍ نُزِيدُهَا [5] إِيَّاهُ فِي رِزْقِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَدِدْنَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، فَانْطَلِقُوا بِنَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنه عمر، فهلموا فلنستبرئ مَا عِنْدَهُ مِنْ وَرَائِهِ، نَأْتِي حَفْصَةَ فَنُكَلِّمُهَا [6] وَنَسْتَكْتِمُهَا أَسْمَاءَنَا، فَدَخَلُوا عَلَيْهَا وَسَأَلُوهَا أَنْ تُخْبِرَ بِالْخَبَرِ عَنْ نَفَرٍ لا تُسَمِّي لَهُ أَحَدًا إِلا أَنْ يَقْبَلَ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَقِيَتْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَعَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَتْ: لا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَا رَأْيُكَ، فَقَالَ: لَوْ علمت من هم لسؤت وُجُوهَهُمْ، أَنْتِ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، أُنَاشِدُكِ باللَّه مَا أَفْضَلُ مَا اقْتَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فِي بَيْتِكَ مِنَ الْمَلْبَسِ [7] ؟ قَالَتْ: ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ [8] ، كَانَ يَلْبَسُهُمَا لِلْوَفْدِ، وَيَخْطُبُ فِيهِمَا الْجُمُعَ، قَالَ: وَأَيُّ طَعَامٍ نَالَهُ مِنْ عِنْدِكَ أَرْفَعُ؟ قَالَتْ:
خَبَزْنَا خُبْزَةَ شَعِيرٍ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ حَارَّةٌ أَسْفَلَ عُكَّةٍ [9] ، فَجَعَلْنَاهَا دَسَمًا حُلْوَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا. قَالَ: وَأَيُّ مَبْسَطٍ كَانَ يَبْسُطُهُ عِنْدَكِ كَانَ أَوْطَأَ؟ قَالَتْ: كِسَاءٌ لَنَا ثَخِينٌ كُنَّا نربعه في الصَّيْفُ، فَنَجْعَلُهُ تَحْتَنَا، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ ابْتَسَطْنَا نِصْفَهُ وَتَدَثَّرْنَا نِصْفَهُ، قَالَ: يَا حَفْصَةُ، فَأَبْلِغِيهِمْ عَنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَدَرَ فَوَضَعَ الْفُضُولَ مَوَاضِعَهَا، وَتَبَلَّغَ بِالتَّزْجِيَةِ [1] ، وإني قدرت، فو الله لأَضَعَنَّ الْفُضُولَ مَوَاضِعَهَا، وَلأَتَبَلَّغَنَّ بِالتَّزْجِيَةِ، وَإِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ صَاحِبِي كَثَلاثَةِ نَفَرٍ سَلَكُوا طَرِيقًا، فَمَضَى الأَوَّلُ وَقَدْ تَزَوَّدَ زَادًا فَبَلَغَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الآخَرُ فَسَلَكَ طَرِيقَهُ، فَأَفْضَى إِلَيْهِ، ثُمَّ اتَّبَعَهُمَا الثَّالِثُ، فَإِنْ لَزِمَ طَرِيقَهُمَا وَرَضِيَ بِزَادِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا وَكَانَ مَعَهُمَا، وَإِنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِهِمَا لَمْ يُجَامِعْهُمَا أَبَدًا.
وفي هذه السنة حج بالناس [2] عمر بن الخطاب، وكان عامله على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف يعلى بن أمية وعلى الكوفة وأرضها سعد بن أبي وقاص، وعلى قضائها أبو قرة، وعلى البصرة وأرضها المُغِيرة بن شعبة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید