المنشورات

المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب أبو سفيان

كان أخا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من الرضاعة، أرضعته حليمة أياما، وكان يألف رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ ويشبه بِهِ، فلما بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عاداه وهجاه وهجا أصحابه. وكان شاعرا، فمكث عشرين سنة عدوا لرسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ولا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فلما تحرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ للخروج إلى غزاة الفتح ألقى الله في قلبه الإسلام، فجاء إلى زوجته وولده فقال: تهيأوا للخروج فقد أظل قدوم محمد، فقالوا له:
آن لك أن تنصر العرب والعجم قد تبعت محمدا وأنت موضع في عداوته، وكنت أولى الناس بنصرته، فخرج يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قد نذر دمه، فلقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فأعرض عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم، فتحول إلى الجانب الآخر فأعرض عنه، فقال: أنا مقتول لا محالة، فأسلم وخرج معه حتى شهد فتح مكة وحنينا.
قال: فلما لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف صلتا والله يعلم أني أريد الموت دونه، وهو ينظر إلي، فقال العباس: يا رسول الله، هو أخوك وابن عمك أبو سفيان بن الحارث فارض عنه، قال: «قد فعلت» ، فغفر الله له كل عداوة عدانيها، ثم التفت إلي فقال: أخي، لعمري، فقبلت رجله في الركاب، وقلت: لا تثريب، قال: لا تثريب.
حج أبو سفيان في هذه السنة، فحلقه الحلاق بمنى وفي رأسه ثؤلول فقطعه، فكان سبب موته.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حيوية، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ] [1] ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ الْوَفَاةُ قَالَ لأَهْلِهِ: لا تَبْكُوا عَلَيَّ فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ [2] .
قال علماء السير: مات أبو سفيان بالمدينة في هذه السنة. وقيل: بل مات في سنة عشرين، وحفر قبر نفسه قبل موته بثلاثة أيام، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید