المنشورات

اختطاط الكوفة وتحول سعد بن أبي وقاص إليها وقد كان مكان الكوفة معروفا

[أخبرنا أبو المناقب حيدرة بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن حمزة الكوفي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ميمون، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّدً بْن عَلِيّ بن عبد الرحمن الحسني، أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن جعفر السلمي، أخبرنا عبد الله بن زيدان العجلي [2] ، أخبرنا إِبْرَاهيم بن قتيبة، عن عمرو بن شبيب، عن صدقة] [3] بن المثنى النخعي، قال:
إن إبراهيم خليل الرحمن خرج من كوثي مهاجرا إلى الله عز وجل على حمار، ومعه ابن أخيه لوط يسوق غنما ويحمل دلوا على عنقه حتى نزل بانقيا، وكان بها قرية طولها اثنا عشر فرسخا، وكانوا يزلزلون كل ليلة، فلما/ بات بها إبراهيم لم يزلزلوا تلك الليلة، فمشي بعضهم إلى بعض، فقالوا: بتم بمثل هذه الليلة قط؟ فقالوا: لا، فقال صاحب منزل إِبْرَاهيم عليه السلام: إن كان دفع عنكم بشيء فبشيخ بات عندي البارحة لم يزل يصلي حتى أصبح، فأتوه فقالوا: إنما خرجت لطلب المعيشة، فأقم فينا ونقاسمك شطر أموالنا فتكون أكثر الناس مالا، قال: ليس لذلك خرجت، إنما خرجت مهاجرا إلى الله، فخرج حتى نزل القادسية، فأتته عجوز، فقالت: إني أراك شيخا حسن الهيئة وأراك شعثا، فهل لك أن آتيك بغسول تغسل به رأسك ولحيتك؟ قال: ما شئت، فأتته بغسول، فغسل رأسه ولحيته، فأفاض عليه من الماء وأخذ فضل ما بقي من الإناء فأبعد وقال: كوني مقدسة- للقادسية- منك يخرج وفد الله، وفيك موضع رحالهم، فسمت بدعوة إبراهيم القادسية.
ثم خرج نحو الشام فمر بالنجف فرأى فيه علامات وكان يقرأها في الكتب، فقال:
لمن هذا الجبل؟ فقالوا: لأهل القرية التي بت فيها- يعنون بانقيا- فأتاهم إبراهيم فظنوا أنه أتاهم للذي عرضوا عليه، فقال: بيعوني أرضكم هذه- يعني ظهر الكوفة- فقالوا:
هي لك، ما ملكنا أرضا هي أقل خيرا منها، ما تنبت رعيا، ولا لنا فيها منفعة، فاشتراها منهم بغنمه.
[قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ إِجَازَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى العيسى، عن عيسى بن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ] [1] ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَارَ التَّنُّورُ، وَكَانَ بَيْتَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَسْجِدُهُ، ثُمَّ جَاءَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ إِلَى كوثى وَبِهَا ابْنُ أَخِيهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَكَلَّمَ مَلِكًا/ كَانَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَبِيعَنِي هَذَا الْمَكَانَ- لِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ- وَكَانَ ذَلِكَ الْمَلِكُ تُزَلْزَلُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ [الأَرْضُ] ، فَلَمَّا صَارَ إِبْرَاهِيمُ إِلَيْهِ كَفَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ الزَّلْزَلَةَ، فَقَالَ: الْمَلِكُ يَدْعُو لَكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَخْذَهُ إلِا بِثَمَنٍ، قَالَ: فَاشْتَرِهِ بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَإِنِّي آخُذُه بِأَتَانِي هَذِهِ وَشَاتِي، قَالَ: أَمَّا الشَّاةُ فَلَيْسَ مَعَكَ زَادٌ إِلا لَبَنُهَا تَشْرَبُهُ، وَأَمَّا الأَتَانُ فَهَلُمَّهَا نَحْنُ نَأْخُذُهَا، فَاشْتَرَاهَا بِالأَتَانِ. فَبَدَأَ أَسَاسَ نُوحٍ، وَبَنَاهُ بِنَاءً لاطِيًا عَلَى نَحْوٍ مِنْ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ، ثُمَّ سَارَ هُوَ وَلُوطٌ إِلَى الشَّامِ. [قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَذَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن يونس، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ] [1] ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَدَائِنَ اصْفَرَّتْ أَلْوَانُهُمْ، وَعَظُمَتْ بُطُونُهُمْ، وَدَقَّتْ عِظَامُهُمْ، وَذَلِكَ لَمَّا اجْتَوَوْهَا، فَكَتَبَ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [2] إِنَّ يَطْلُبُوا مَنْزِلا غَيْرَهُ، فَنَزَلُوا الْكُوفَةَ، فَوَفَدْنَا إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي لأَعْرِفُ فَضْلَ مَنْزِلِكُمْ هَذَا عَلَى الآخَرِ فَصِفُوهُ لِي، فَقُلْنَا: هِيَ آخِرُ السَّوَادِ فِي الْعَرَبِ، وَهِيَ أرض برية بحرية، أرض شيح وَقَيْصُومٍ، وَأَرْضُ ضَبٍّ وَحُوتٍ.
قال حسين بن حميد: [وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا قبيصة] [2] ، عن سفيان، قال:
أول من بنى الكوفة بالآجر خباب بن الأرت، وعبد الله بن مسعود.
[قال لي أبو عبد الله: وحدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن عامر الكندي، قال:
حدثنا عَلِيّ بْن الحسن بن إسماعيل البزار، قال: حدثنا] بشر بن عبد الوهاب، ذكر] [3] أنه قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا، وثلثي ميل، وذكر أن فيها خمسة آلاف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة عشر ألف دار لسائر العرب، وستة وثلاثين ألف دار لليمنيين.
[أخبرني بذلك في سنة أربع وستين ومائتين] [4] .
[قال أبو عبد الله: وأخبرنا زيد بن مروان إجازة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا إِبْرَاهيم بن إسماعيل الطلحي، قال: حدثنا أبي] [5] ، قال:
رأيت بالكوفة في مسجد الجامع مائة حلقة فقه.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخْلِصُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا السري بن يحيى، حدثنا شعيب بن إبراهيم، حدثنا سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ وَعَمْرٍو وَسَعِيدٍ، قَالُوا] [1] :
لَمَّا جَاءَ فَتْحُ جَلُولاءَ وَحُلْوَانَ وَنَزَلَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو بِحُلْوَانَ فِيمَنْ مَعَهُ، وَجَاءَ فَتْحُ تِكْرِيتَ وَالْحِصْنَيْنِ، وَقَدِمَتِ الْوُفُودُ بِذَلِكَ عَلَى/ عُمَرَ، قَالَ لَهُمْ: مَا غَيَّرَكُمْ، قَالُوا:
وُخُومَةُ الْبِلادِ، فَنَظَرَ فِي حَوَائَجِهِمْ، وَعَجَّلَ سَرَاحَهُمْ.
وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ [2] : أَنْبِئْنِي مَا الَّذِي غَيَّرَ لَوْنَ الْعَرَبِ وَلُحُومَهُمْ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
وُخُومَةُ الْمَدَائِنِ وَدِجْلَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْعَرَبَ لا يُوَافِقُهَا إِلا ما وافق إبلها من البلدان، فابعث سليمان رائدا وَحُذَيْفَةَ فَلْيَرْتَادَا مَنْزِلا بَرِيًّا بَحْرِيًّا، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنِكُمْ بَحْرٌ وَلا جِسْرٌ.
فَبَعَثَ حُذَيْفَةَ وَسَلْمَانَ، فَخَرَجَ سَلْمَانُ فَسَارَ لا يَرْضَى شَيْئًا حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ، وَخَرَجَ حُذَيْفَةُ حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ، وفيها ديرات ثلاثة، فأعجبتهما البقعة، فنزلا فصليا، وَقَالا:
اللَّهمّ بَارِكْ لَنَا فِي هَذِهِ الْكُوفَةِ وَاجْعَلْهُ مَنْزِلَ ثَبَاتٍ، وَرَجَعَا إِلَى سَعْدٍ بِالْخَبَرِ، فَارْتَحَلَ سَعْدٌ بِالنَّاسِ مِنَ الْمَدَائِنِ حَتَّى عَسْكَرَ بِالْكُوفَةِ فِي مَحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ، وَكَانَ بين وقعة المدائن ونزول الكوفة أحد عشرا شَهْرًا. فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ: إِنِّي قَدْ نَزَلْتُ بِكُوفَةَ مَنْزِلا بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ بَرِّيًّا بَحْرِيًّا يُنْبِتُ الْجَلِيَّ وَالنَّصِيَّ [3] ، وَخَيَّرْتُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدَائِنِ، فَمَنْ أَعْجَبَهُ الْمُقَامُ فِيهَا تَرَكْتُهُ [كَالْمَسْلَحَةِ] [4] .
[وَحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ يَحْيَى التَّيْمِيِّ] [5] ، عَنْ أَبِي مَاجِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْكُوفَةُ رُمْحُ الإِسْلامِ، وَقُبَّةُ الإِسْلامِ، وَحُجَّةُ الْعَرَبِ، يُكْفُوْنَ ثغورهم ويمدون الأمصار.
[أَخْبَرَنَا سَيْفٌ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ الأَصْبَغِ] [1] ، عَنْ عَلِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْكُوفَةَ لَقُبَّةُ الإِسْلامِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا زَمَانٌ لا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلا أَتَاها أَوْ حَنَّ إِلَيْهَا، وَاللَّهِ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ بِأَهْلِهَا كَمَا انْتَصَرَ بِالْحِجَارَةِ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید