المنشورات

العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي عبد الله بن ضماد بن سلمى:

من حضرموت من اليمن، وأخوه ميمون بن الحضرمي صاحب البئر التي بأعلى مكة، يقال لها: بئر ميمون، مشهورة على طريق العراق، وكان حفرها في الجاهلية.
وأسلم العلاء قديما، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ منصرفه من الجعرانة إلى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين، وكتب معه كتابا/ يدعوه فيه إلى الإسلام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ولى العلاء البحرين ثم عزله عنها، وبعث أبا سعيد [1] عاملا عليها فلم يزل عليها إلى أن توفي رَسُول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فأقبل إلى المدينة وترك العمل، فبعث أبو بكر العلاء.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عبد الباقي، قال: أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا علي بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَالِدٍ] [2] ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين: أن سِرْ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ عمله، واعلم أنك تقدم على رجل من الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْحُسْنَى، لَمْ أَعْزِلْهُ أَنْ لا يَكُونَ عَفِيفًا صَلِيبًا شَدِيدَ الْبَأْسِ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَغْنَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنْهُ، فَاعْرِفْ لَهُ حَقَّهُ، وَقَدْ وَلَّيْتُ قَبْلَكَ رَجُلا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَلِيَ عُتْبَةُ فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ، فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي خُلِقْتَ لَهُ، فَاكْدَحْ لَهُ وَدَعْ مَا سِوَاهُ فَإِنَّ الدُّنْيَا أَمَدٌ وَالآخِرَةُ أَبَدٌ، وَلا يَشْغَلَنَّكَ شَيْءٌ مُدْبِرٌ خَيْرُهُ عَنْ شَيْءٍ بَاقٍ خَيْرُهُ، وَاهْرُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سَخَطِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْمَعُ لِمَنْ شَاءَ الْفَضِيلَةَ فِي حُكْمِهِ وَعِلْمِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكَ الْعَوْنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ.
قَالَ: فَخَرَجَ الْعَلاءُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فِي رَهْطٍ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ [وَأَبُو بَكْرَةَ] فَلَمَّا كَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَرْضِ تَمِيمٍ مَاتَ الْعَلاءُ، فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَأَبُو بَكْرَةَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ مِنَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لا أَزَالُ أُحِبُّهُ أَبَدًا: رَأَيْتُهُ قَطَعَ الْبَحْرَ عَلَى فَرَسِهِ يَوْمَ دَارِينَ، وَقَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ البحرين،فلما كُنَّا بِالدِّهْنَاءِ فُقِدَ مَاؤُهُمْ، فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَنَبَعَ لَهُمْ مَاءٌ مِنْ تَحْتِ رَمْلِهِ، فَارْتَوَوْا وَارْتَحَلُوا، وَنَسِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْضَ مَتَاعِهِ فَرَجَعَ فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ. وَخَرَجَتْ مَعَهُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَمَاتَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَبْدَى اللَّهُ لَنَا سَحَابَةً، فَمُطِرْنَا/ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَفَرْنَا لَهُ بِسُيُوفِنَا وَلَمْ نُلَحِّدْ لَهُ، فَدَفَنَّاهُ وَمَضَيْنَا، فَقُلْنَا: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَفَنَّاهُ وَلَمْ نُلَحِّدْ لَهُ، فَرَجَعْنَا فَلَمْ نَجِدْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید