المنشورات

سهيل بْن عَمْرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بْن نضر بْن مَالِك بْن حسل بْن عامر بْن لؤي، أَبُو زَيْد:

كَانَ من أشراف قومه [2] ، والمنظور إِلَيْهِ مِنْهُم، شهد مَعَ المشركين بدرا، فأسره مَالِك بْن الدخشم، ثُمَّ أنه أفلت، فخرج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي طلبه، وَقَالَ: «من وجده فليقتله» ، فوجده رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ فأمر بِهِ فربطت يده إِلَى عنقه، ثُمَّ قرنه إِلَى راحلته، فلم يركب حَتَّى ورد المدينة، ثُمَّ قدم فِي فدائه مكرز بْن حفص، فبذل أربعة آلاف، فَقَالُوا:
هات المال، قَالَ: نعم، اجعلوني فِي مكانه رهنا حَتَّى يرسل إليكم، فخلي سبيل سهيل، وحبسوا مكرزا، فبعث سهيل بالمال.
وسهيل هُوَ الَّذِي خرج إلى رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ بالحديبية، وكتب القضية عَلَى أَن يرجع رَسُول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ العام، ويعود من قابل، فأقام عَلَى دينه إِلَى زمان الفتح [3] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ] [4] ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو:
لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مَكَّةَ اقْتَحَمْتُ بَيْتِي وَغَلَّقْتُ عَلَيَّ بَابِي، وَأَرْسَلْتُ إِلَى ابْنِي عَبْدِ اللَّهِ- وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَسْلَمَ وَشَهِدَ بَدْرًا: اطْلُبْ لِي جِوَارًا مِنْ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ
أُقْتَلَ، فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبِي تُؤَمِّنُهُ، فَقَالَ: «نَعَمْ هُوَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَظْهَرْ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِمَنْ حَوْلَهُ: «مَنْ لَقِيَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَلا يَشُدَّ النَّظَرَ إِلَيْهِ، فَلِعَمْرِي/ أَنَّ سُهَيْلا لَهُ عَقْلٌ وَشَرَفٌ وَمَا مِثْلُ سُهَيْلٍ جَهِلَ الإِسْلامَ» ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ إِلَى أَبِيهِ فَخَبَّرَهُ بِمَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ:
كَانَ وَاللَّهِ بَرًّا صَغِيرًا وَكَبِيرًا، فَكَانَ سُهَيْلٌ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ آمِنًا، وَخَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ حَتَّى أَسْلَمَ بِالْجِعْرَانَةَ، فأعطاه رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ.
[قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي] [1] ابْنُ قماذين، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ تَأَخَّرَ إِسْلامُهُمْ فَأَسْلَمُوا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَكْثَرَ صَلاةً وَلا صَوْمًا وَلا صَدَقَةً وَلا أَقْبَلُ عَلَى مَا يُعِينُهُ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ مِنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، حَتَّى إِنْ كَانَ لَقَدْ شَحَبَ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَكَانَ يُكْثِرُ الْبُكَاءَ رَقِيقًا عند سماع القرآن [2] .
ولقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه [الْقُرْآنَ] [3] وَهُوَ بِمَكَّةَ حَتَّى خَرَجَ مُعَاذٌ مِنْ مَكَّةَ، وَحَتَّى قَالَ لَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا أَبَا يَزِيدَ، يَخْتَلِفُ إِلَيَّ هَذَا الْخَزْرَجِيُّ يقرئك الْقُرْآنَ، أَلا يَكُونُ اخْتِلافُكَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِكَ، فَقَالَ: يَا ضِرَارُ، إِنَّ هَذَا الَّذِي صَنَعَ بِنَا مَا صَنَعَ حَتَّى سَبَقَنَا كُلَّ السَّبْقِ، إِنِّي لِعَمْرِي أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، فَقَدْ وَضَعَ الإِسْلامُ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَرَفَعَ أَقْوَامًا بِالإِسْلامِ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لا يُذْكَرُونَ، فَلَيْتَنَا [كُنَّا] [4] مَعَ أُولَئِكَ فَتَقَدَّمْنَا وَإِنِّي لأَذكر مَا قَسَمَ اللَّهُ لِي فِي تَقَدُّمِ إِسْلامِ [5] أَهْلِ بَيْتِي الرَّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَوْلاي عُمَيْرِ بْنِ عَوْفٍ فَأُسَرُّ بِهِ وَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَأَرْجُو أَن يَكُونَ اللَّهُ يَنْفَعُنِي بِدُعَائِهِمْ أَنْ لا أَكُونَ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ عَلَى مَا مَاتَ نُظَرَائِي أَوْ قُتِلُوا، قَدْ شَهِدْتُ مَوَاطِنَ كُلُّهَا أَنَا فِيهَا مُعَانِدٌ لِلْحَقِّ: يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ أُحُدٍ، وَالْخَنْدَقَ. وَأَنَا وُلِّيتُ أَمْرَ الْكِتَابِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، يَا ضِرَارُ إِنِّي لأَذكر مُرَاجَعَتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنْتُ أَلَظُّ بِهِ مِنَ الباطل، فأستحي من رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَكِنْ مَا كَانَ فِينَا مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَا فِي حَيِّزِ الْمُشْرِكِينَ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى ابْنِي عَبْدِ اللَّهِ وَمَوْلاي عُمَيْرِ بْنِ عَوْفٍ قَدْ فَرَّا مِنِّي فَصَارَا في حيز محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَمَا عُمِّيَ عَلَيَّ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْحَقِّ لِمَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَمَا أَرَادَهُمَا اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ، ثُمَّ قُتِلَ ابْنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا، فَعَزَّانِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ: قال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّهِيدَ لَيُشَفَّعُ [لِسَبْعِينَ] [1] مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» ، فَأَنَا أَرْجُو أَن أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَشْفَعُ لَهُ.
[قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَا، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ] [2] ، قَالَ:
اصْطَحَبْتُ أَنَا وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى الشَّامِ لَيَالِيَ أَغْزَانَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَسَمِعْتُ سُهَيْلا يَقُولُ: [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ] : [3] «مُقَامُ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ [عُمْرَهَ] [4] فِي أَهْلِهِ» ، قَالَ سُهَيْلٌ: وَأَنَا أُرَابِطُ حَتَّى أَمُوتَ وَلا أَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ أَبَدًا.
فَلَمْ يَزَلْ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشَرَةَ.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نَاصِرٍ الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمْدَانَ، حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أَبِي، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ] [5] الْحَسَنَ قَالَ:
حَضَرَ بَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَنَفَرٌ مِنَ تلك الرُّءُوسِ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ، وَتِلْكَ الْمَوَالِيَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا، فَخَرَجَ إِذْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَذِنَ لَهُمْ وَتَرَكَ هَؤُلاءِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ يَأْذَنُ لِهَؤُلاءِ الْعَبِيدِ وَيَتْرُكُنَا عَلَى بَابِهِ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْنَا، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو- وَكَانَ رَجُلا عَاقِلا: أَيُّهَا الْقَوْمُ إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ أَرَى الّذي في وجوهكم، إن كنتم غضابا فَاغْضَبُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، دُعِيَ الْقَوْمُ وَدُعِيتُمْ فَأَسْرَعُوا وأبطأتم فكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وَتُرِكْتُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَمَا سَبَقُوكُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْفَضْلِ مِمَّا لا تَرَوْنَ أَشَدُّ عَلَيْكُمْ قُوتًا مِنْ بَابِكُمْ هَذَا الَّذِي تُنَافِسُونَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: ونفض ثوبه وانطلق.
قال الحسن: / [و] [1] صدق والله سهيل، لا يجعل اللَّه عبدا أسرع إِلَيْهِ كعبد أبطأ عَنْهُ






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید