المنشورات
زوال السنة السيئة الَّتِي كانت فِي نيل مصر
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ النَّحَّاسِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ] عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ [2] قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مِصْرُ أَتَى أَهْلَهَا إِلَى عَمْرِو بن العاص حين دخل بؤونة مِنْ أَشْهُرِ الْعَجَمِ، فَقَالُوا لَهُ: / أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ لِنِيلِنَا هَذَا سُنَّةً لا يَجْرِي إِلا بِهَا. فَقَالَ لَهُمْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: إِذَا دَخَلَتْ ثِنْتَا عَشَرَةَ لَيْلَةً مِنْ هَذَا الشَّهْرِ عَمَدْنَا إِلَى جَارِيَةٍ بَكْرٍ بَيْنَ أَبَوَيْهَا، فَأَرْضَيْنَا أَبَاهَا، وَحَمَلْنَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ أَفْضَلَ مَا يَكُونُ، ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا فِي النِّيلِ. قَالَ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا لا يَكُونُ فِي الإِسْلامِ، إن الإسلام يهدم ما كان قبله. فأقاموا بؤونة، وَأَبِيبَ، وَمَسْرَى لا يَجْرِي قَلِيلا وَلا كَثِيرًا، حتى هموا بالجلاء عنها [3] ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إليه عمر: «إنك قد أَصَبْتَ، لأَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» وَكَتَبَ بِطَاقَةً دَاخِلَ كِتَابِهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَمْرٍو: «إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَطَاقَةٍ دَاخِلِ كِتَابِي، فَأَلْقِهَا فِي النِّيلِ» فَلَمَّا قَدِمَ كِتَابُ عُمَرَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخَذَ الْبِطَاقَةَ، فَإِذَا فِيهَا: «مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أمير الْمُؤْمِنيِنَ إِلَى نِيلِ مِصْرَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنْ كُنْتَ تَجْرِي مِنْ قِبَلِكَ فَلا تَجْرِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ هُوَ الَّذِي يُجْرِيكَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْوَاحِدَ الْقَهَّارَ أَنْ يُجْرِيكَ» فَأَلْقَى الْبِطَاقَةَ فِي النِّيلِ قَبْلَ يَوْمِ الصَّلِيبِ بِيَوْمٍ وَقَدْ تَهَيَّأَ [4] أَهْلُ مِصْرَ لِلْجَلاءِ وَالْخُرُوجِ، لأَنَّهُ لا تَقُومُ مَصْلَحَتُهُمْ فِيهَا إِلا بِالنِّيلِ. فَلَمَّا أَلْقَى الْبِطَاقَةَ [أَصْبَحُوا] [5] يَوْمَ الصَّلِيبِ وَقَدْ أَجْرَاهُ اللَّهُ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَطَعَ اللَّهُ تِلْكَ السُّنَّةَ السُّوءَ عَنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الْيَوْمِ.
وَفِي هذه السنة:
غزا أَبُو بحرية الكندي عَبْد اللَّهِ بْن قيس أرض الروم، وهو أول من دخلها فيما قِيلَ. وقيل: أول من دخلها ميسرة بْن مسروق العبسي، فسلم وغنم [1]
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
20 ديسمبر 2023
تعليقات (0)