المنشورات

بلال بْن رباح، مولى أَبِي بَكْر الصديق رضي اللَّه عَنْهُ، ويكنى أبا عَبْد اللَّهِ

من مولدي السراة، واسم أمه حمامة، وَكَانَ أدم شديد الأدمة، نحيف، طوالا، أحنى، أشفر [4] ، [لَهُ شعر كثير] [5] ، خفيف العارضين، بِهِ سمط كثير [6] لا يغير.
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أخبرنا ابن حيوية قال:
أخبرنا ابْن معروف قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن الفهم قَالَ: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مِزْوَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ] ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَكَانَ يُعَذَّبُ حِينَ أَسْلَمَ ليرجع عن دينه فما أعطاه [7] قَطُّ كَلِمَةً مِمَّا يُرِيدُونَ، وَكَانَ الَّذِي يُعَذِّبُهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ [8] .
[قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا] [9] عَوْنُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ بِلالٌ إِذَا اشْتَدُّوا عَلَيْهِ فِي الْعَذَابِ قَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. قَالَ: فيقولون له: قُلْ كَمَا نَقُولُ. فَيَقُولُ: إِنَّ لِسَانِي لا يحسنه [10] .
[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ [1]] ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلامَ بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ، وَبِلالٌ، وَخَبَّابٌ، وَصُهَيْبٌ، وَعَمَّارٌ، وَسُمَيَّةُ، وَأُمُّ عَمَّارٍ [2] . فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ عُمَرُ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ، وَأُخِذَ الآخَرُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ/ أَدْراعَ الْحَدِيدِ، ثُمَّ صَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى بَلَغَ الْجُهْدُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ فَأَعْطُوهُمْ مَا سَأَلُوا، فَجَاءَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَوْمُهُ بِأَنْطَاعِ الأَدَمِ، فِيهَا الْمَاءُ، فَأَلْقُوهُمْ فِيهِ، وَحَمَلُوا جَوَانِبَهُ إِلا بِلالا، فَلَمَّا كَانَ الْعِشَاءُ جَاءَ أَبُو جَهْلٍ، فَجَعَلَ يَشْتُمُ سُمَيَّةَ وَيَرْفُثُ، ثُمَّ طَعَنَهَا فَقَتَلَهَا، فَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدٍ اسْتُشْهِدَ فِي الإِسْلامِ. وَأَمَّا [3] بِلالٌ فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ. حَتَّى مَلُّوهُ [4] ، فَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلا، ثُمَّ أَمَرُوا صِبْيَانَهُمْ أَنْ يَشْتَدُّوا بِهِ [5] بَيْنَ أَخْشَبَيْ مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ [6] .
[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ] [7] ، عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ بِلالا أَلْقُوهُ فِي الْبَطْحَاءِ وَجَلَدُوا ظَهْرَهُ [8] ، فَجَعَلُوا يقولون:
ربك اللات والعزة. فَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ. فَأَتَى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: عَلامَ تُعَذِّبُونَ هَذَا الإِنْسَانَ؟ فَاشْتَرَاهُ بِسَبْعِ أواق فأعتقه فذكر ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «الشِّرْكَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ» قَالَ: قَدْ أَعْتَقْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ [9] .
[قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ،] [10] عَنْ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بكر بلالا بخمس أواق [11] .
[وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ] [1] ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلالا [2] .
قَالَ علماء السير: شهد بلال بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمره رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ فأذن يَوْم الفتح عَلَى ظهر الكعبة والحارث بْن هِشَام وصفوان بْن أمية قاعدان، فَقَالَ: أحدهما للآخر: أنظر إِلَى هَذَا الحبشي فَقَالَ الآخر: إِن يكرهه اللَّه يغيره [3] .
ولما مَات رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ كَانَ بلال يؤذن، فَإِذَا قَالَ «أشهد أَن محمدا رسول الله» انتحب النّاس، فلما دفن رَسُول اللَّه/ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْر: أذن. فَقَالَ لَهُ: إِن كنت إِنَّمَا اعتقتني لأن أكون معك، فسبيل ذَلِكَ، وإن كنت أعتقتني للَّه فخلني ومن أعتقتني لَهُ.
فَقَالَ: مَا أعتقتك إلا للَّه. قَالَ: فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ. قَالَ: فذاك إليك. قَالَ: فأقام حَتَّى خرجت بعوث الشَّام، فسار معهم.
وقيل: إِنَّمَا أقام حياة أَبِي بَكْر، فلما ولي عُمَر رحل [إِلَى] [4] الشام، فمات هناك فِي هذه السنة. وَهُوَ ابْن بضع وستين سَنَة




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید