المنشورات
سَعِيد بْن عامر بْن حذيم بْن سلامان
أسلم/ قبل خيبر، وشهدها مَعَ رَسُول اللَّه صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَمَا بعدها.
[أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن الفهم قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ] [5] ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ فَقَالَ: إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ عَلَى هَؤُلاءِ تَسِيرُ بِهِمْ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَتُجَاهِدُ بِهِمْ. فَقَالَ: يَا عُمَرُ، لا تَفْتِنِّي، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لا أَدَعُكُمْ، جَعَلْتُمُوهَا فِي عُنُقِي ثُمَّ تَخَلَّيْتُمْ مِنِّي، إِنَّمَا أبعثك على قوم ليست بِأَفْضَلِهِمْ، وَلَسْتَ أَبْعَثُكَ لِتَضْرِبَ أَبْشَارَهُمْ وَلا تَنْتَهِكَ أَعْرَاضَهُمْ، وَلَكِنْ تُجَاهِدُ بِهِمْ عَدُوَّهُمْ وَتَقْسِمُ بَيْنَهُمْ فيهم. فقال: اتّق الله يَا عُمَرُ، أَحِبَّ لأَهْلِ الإِسْلامِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَحُضَّ الْعَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ، ولا تخش في الله لَوْمَةَ لائِمٍ. فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ يَا سعيد، ومن يطق هَذَا؟ فَقَالَ: مَنْ وَضَعَ اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الَّذِي وَضَعَ فِي عُنُقِكَ، إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْمُرَ فَيُطَاعُ أَمْرُكَ، أَوْ تَتْرُكَ فَيَكُونُ لَكَ الْحُجَّةُ.
فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّا سَنَجْعَلُ لَكَ رِزْقًا. قَالَ: لَقَدْ أُعْطِيتُ مَا يَكْفِينِي دُونَهُ- يَعْنِي عَطَاءَهُ- وَمَا أَنَا بِمُزْدَادٍ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا. قَالَ: وَكَانَ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ نَظَرَ إِلَى قُوتِ أَهْلِهِ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَمَا يُصْلِحُهُمْ فَيَعْزِلُهُ، وَيَنْظُرُ إِلَى بَقِيَّتِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَيَقُولُ أَهْلُهُ: أَيْنَ بَقِيَّةُ الْمَالِ؟ فَيَقُولُ: أَقْرَضْتُهُ. قَالَ: فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالُوا: لَوْلا [1] أَنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَصْهَارِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِقَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقًّا. فَقَالَ: مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرَى لَمْعَ أَيْدِيهِمْ، وَمَا أَنَا بِطَالِبٍ أَوْ مُلْتَمِسٍ رِضَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بِطَلَبِي الْحُورَ الْعِينَ، الَّذِي لَوِ اطَّلَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لأَشْرَقَتْ لَهَا الأَرْضُ كَمَا تُشْرِقُ الشَّمْسُ، وَمَا أَنَا بِمُسْتَخْلِفٍ عَنِ الْعِتْقِ الأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ/ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَجِيءُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يُزَفُّونَ كَمَا يُزَفُّ الْحَمَامُ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: قِفُوا لِلْحِسَابِ. فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا يُحَاسِبُ بِهِ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عِبَادِي. فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ [قَبْلَ النَّاسِ] [2] بِسَبْعِينَ عَامًا» . [أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ] [3] قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِحِمْصَ سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ حِمْصَ قَالَ: يَا أَهْلَ حِمْصَ، كَيْفَ وَجَدْتُمْ عَامِلَكُمْ؟ فَشَكَوْهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُقَالُ لِحِمْصَ الْكُوَيْفَةُ الصَّغْرَى لِشِكَايَتِهِمُ الْعُمَّالَ قَالُوا: فَشَكَوْا أَرْبَعًا: لا يَخْرُجُ إِلَيْنَا حَتَّى يَتَعَالَى النَّهَارُ. قَالَ: أَعْظِمْ بِهَا. قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحدا بِاللَّيْلِ [4] . قَالَ:
وَعَظِيمَةٌ. قَالَ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: وَلَهُ يَوْمٌ فِي الشَّهْرِ لا يَخْرُجُ فِيهِ إِلَيْنَا، قَالَ: وَعَظِيمَةٌ. قَالَ:
وَمَاذَا؟ قَالُوا: يَغْبِطُ الْغِبْطَةَ بَيْنَ الأَيَّامِ- أَيْ تَأْخُذُهُ مَوْتَةٌ- قَالَ: فَجَمَعَ عُمَرُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَقَالَ:
اللَّهمّ لا يُقْبَلُ رَأْيٌ فِيهِ الْيَوْمَ، مَا تَشْكُونَ مِنْهُ. قَالَ: ولا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار.
قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَكْرَهُ ذِكْرَهُ لَيْسَ لِي وَلأَهْلِي خَادِمٌ فَأَعْجِنُ عَجِينِي، ثُمَّ أَجْلِسُ حَتَّى يَخْتَمِرَ، ثُمَّ أَخْبِزُ خُبْزِي، ثُمَّ أَتَوَضَّأُ، ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ: مَا تَشْكُونَ مِنْهُ؟ فَقَالُوا: لا يُجِيبُ أَحَدًا بِاللَّيْلِ. قَالَ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَكْرَهُ ذِكْرَهُ إِنِّي جَعَلْتُ النَّهَارَ لَهُمْ وَاللَّيْلَ للَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال: وما تَشْكُونَ مِنْهُ؟ قَالُوا: إِنَّ لَهُ يَوْمًا فِي الشَّهْرِ لا يَخْرُجُ إِلَيْنَا فِيهِ.
قَالَ: مَا يقولون؟ قال: ليس لي خَادِمٌ يَغْسِلُ ثِيَابِي وَلا لِي ثِيَابٌ أُبَدِّلُهَا، فَأَجْلِسُ حَتَّى تَجِفَّ، ثُمَّ أُدَلِّكُهَا، ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ. قَالَ: مَا تَشْكُونَ مِنْهُ؟ قَالُوا: يَغْبِطُ الْغِبْطَةَ بَيْنَ الأَيَّامِ. قَالَ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: شَهِدْتُ مَصْرَعَ حَبِيبٍ الأَنْصَارِيِّ بِمَكَّةَ، وَقَدْ بَضَّعَتْ قُرَيْشٌ لَحْمَهُ/، ثُمَّ حَمَلُوهُ عَلَى جَدْعِهِ، فَقَالُوا: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ؟ قَالَ:
وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي فِي أَهْلِي وولدي، وأن محمدا أُشِيكَ بِشَوْكَةٍ. ثُمَّ نَادَى: يَا مُحَمَّدُ، مَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَتَرْكِي نُصْرَتَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَأَنَا مُشْرِكٌ لا أُؤْمِنُ باللَّه الْعَظِيمِ إِلا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ لِي ذَلِكَ الذَّنْبَ أَبَدًا، فَتُصِيبُنِي تِلْكَ الْغِبْطَةَ. فَقَالَ عُمَرُ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَمْ يَقْبَلْ فِرَاسَتِي. فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ: اسْتَعِنْ بِهَا عَلَى أَمْرِكَ. فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَغْنَانَا عَنْ خِدْمَتِكَ. فَقَالَ لَهَا: فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ نَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يَأْتِينَا بِهَا أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَيْهَا. قَالَتْ: نعم. فدعى رَجُلا مِنْ أَهْلِهِ يَثِقُ بِهِ، فَصَرَّرَهَا صُرَرًا، ثُمّ قَالَ: انْطَلِقْ بِهَذِهِ إِلَى أَرْمَلَةِ آلِ فُلانٍ، وَإِلَى يَتِيمِ آلِ فُلانٍ، وَإِلَى مِسْكِينِ آلِ فُلانٍ، وَإِلَى مُبْتَلَى آلِ فُلانٍ، فَبَقِيَتْ مِنْهَا ذَهَبِيَّةٌ، فَقَالَ: أَنْفِقِي هَذِهِ. ثُمَّ عَادَ إِلَى عَمَلِهِ. فَقَالَتْ: أَلا تَشْتَرِي لَنَا خَادِمًا، مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْمَالُ؟! قَالَ: سَيَأْتِيكِ أَحْوَجَ مَا تَكُونِينَ.
توفي سَعِيد فِي هذه السنة
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
20 ديسمبر 2023
تعليقات (0)