المنشورات

جندب بْن جنادة، أَبُو ذر

وَفِي اسمه ونسبه خلاف قَدْ ذكرته فِي كتاب «التلقيح» .
كَانَ طويلا أدم، وَكَانَ يشهد أَن لا إله إلا اللَّه وَكَانَ يتعبد قبل الإِسْلام. وقيل لَهُ:
أين كنت تتوجه؟ قَالَ: أين وجهني اللَّه عز وجل، ولقي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة فأسلم، وخرج يصرخ بالشهادة فضربوه، فأكب عَلَيْهِ العباس وَقَالَ لقريش: أنتم تجتازون [بهم وطريقكم] [2] عَلَى غفار. فتركوه ورجع إِلَى قومه.
وَكَانَ يعرض لعيرات قريش فيقتطعها وَيَقُول: لا أرد لكم منها شَيْئًا حَتَّى تشهدوا أَن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رَسُول اللَّه. فَإِن فعلوا رد مَا أخذ مِنْهُم، وإن أبوا لَمْ يرد عَلَيْهِم شيئًا، فبقي عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ومضت بدر وأحد، ثُمَّ قدم فأقام بالمدينة ثُمَّ مضى إِلَى الشام، فاختلف هُوَ ومعاوية في قوله تعالى: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ 9: 34 [3] فَقَالَ مُعَاوِيَة: نزلت فِي أَهْل الكتاب. وَقَالَ أَبُو ذر: نزلت فينا وفيهم. / فدار بينهما كَلام، فكتب مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان يشكوه، فكتب إِلَيْهِ أَن أقدم، فقدم المدينة، فاجتمع النَّاس عَلَيْهِ، فذكر ذَلِكَ لعثمان، فَقَالَ لَهُ: إِن شئت تنحيت قريبا، فخرج إِلَى الربذة، فمات بها.
ذكر وفاته:
[أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، قِيلَ: أَنْبَأَكُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن الفهم قال: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ، عَنْ أَبِيهِ] [4] ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ أَبَا ذَرٍّ الْمَوْتُ بكت امرأته فقال ها: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: أَبْكِي لأَنَّهُ لا بُدَّ أَنَّ لِي بِنَعْشِكَ [1] وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِي يَسَعُكَ كَفَنًا، وَلَيْسَ لَكَ ثَوْبٌ يَسَعُكَ. قَالَ: لا تَبْكِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ: «لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنيِنَ» وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلا قَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلاةٍ، وَاللَّهِ، مَا كَذَبَ وَلا كَذَبْتُ، فَأَبْصِرِي الطَّرِيقَ، فَقَالَتْ: أَنَّى وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ، وَتَقَطَّعَتِ الطُّرُقُ [2] . وَكَانَتْ تَشْتَدُّ إِلَى كَثِيبٍ تَقُومُ عَلَيْهِ تَنْظُرُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتُمَرِّضُهُ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيبِ. فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِنَفَرٍ تَخُبُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمْ الرَّخَمُ، فَلاحَتْ بِثَوْبِهَا، فأقبلوا حتى وقفوا عليها [3] . قالوا: مالك؟ قالت: امرؤ من المسلمين تكفنونه- أَوْ قَالَ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [4] يَمُوتُ فَتُكَفِّنُونَهُ، وَهُوَ الأَصَحُّ [5]- قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: أَبُو ذَرٍّ. فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَوَضَعُوا السِّيَاطَ فِي نُحُورِهَا يَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، حَتَّى جَاءُوا فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ، فَيَحْتَسِبَانِ وَيَصْبِرَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ، أَتَسْمَعُونَ لَوْ/ كَانَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا لَمْ أُكَفَّنْ بِهِ إِلا فِي ثَوْبٍ هُوَ لِي أوْ لامرأتي ثَوْبٍ يَسَعُنِي كَفَنًا إِلا فِي ثَوْبِهَا، فَأَنْشُدُكُمُ الله والإسلام أن يُكَفِّنَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ نَقِيبًا أَوْ بَرِيدًا، فَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ كَانَ قَارَفَ بَعْضَ ذَلِكَ إِلا فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: أَنَا أُكَفِّنُكَ، فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ مِمَّا ذَكَرْتَ شَيْئًا، أُكَفِّنُكَ فِي رِدَائِي هَذَا الَّذِي عَلَيَّ، وَفِي ثَوْبَيْنِ فِي عَيْبَتِي مِنْ غَزْلِ أُمِّي حَاكَتْهُمَا لِي. قَالَ: أَنْتَ، فَكَفِّنِّي. قَالَ، فَكَفَّنَهُ الأَنْصَارِيُّ وَالنَّفَرُ [6] الَّذِينَ شَهِدُوهُ، فِيهِمْ جَحْشُ بْنُ الأَدْبَرِ، وَمَالِكُ بْنُ الأَشْتَرِ فِي نفر كلهم يمان [7] .

وذكر ابْن إِسْحَاق أَن ابْن مَسْعُود صلى عَلَيْهِ منصرفه من الكوفة [1]





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید