المنشورات

عويمر بن عامر بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية، أبو الدرداء

كان آخر أهل داره إسلاما، وكان متمسكا بصنم له، وكان عَبْد اللَّهِ بن رواحة مؤاخيا له فِي الجاهلية، وأسلم ابن رواحة ودعاه فأبى وتجنبه. وجاءه يوما فلما خرج من 3/ ب بيته دخل ابن رواحة فضرب الصنم بقدومه فقطعه، فقالت زوجته: / أهلكتني يا ابن رواحة. فخرج، وجاء أبو الدرداء فوجد المرأة تبكي خوفا منه، فقَالَ: ما شأنك؟ قالت:
أخوك ابن رواحة دخل إلى الصنم فصنع به ما ترى، فغضب غضبا شديدا، ثم فكر فِي نفسه، فقَالَ: لو كان عنده خير لدفع عن نفسه. فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم.
واختلفوا: هل شهد أحدا أم لا؟ وقد شهد بعد ذلك مشاهد كثيرة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خُثَيْمَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ [1] :
كُنْتُ تَاجِرًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ زَاوَلْتُ التِّجَارَةَ وَالْعِبَادَةَ فَلَمْ تَجْتَمِعَا، فَاخْتَرْتُ الْعِبَادَةَ وَتَرَكْتُ التِّجَارَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أبي قدامة مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قالت:
كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خَلِيلٍ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدْعُو لَهُمْ فِي الصَّلاةِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ رَجُلٌ يَدْعُو لأَخِيهِ الْغَيْبَ إِلا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَقُولانِ: فَلَكَ مِثْلُ ذَلِكَ، أَفَلا أَرْغَبُ أَنْ تَدْعُوَ لِي الْمَلَائِكَةُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ [2] :
اسْتُعْمِلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يُهَنُّونَهُ، فَقَالَ: أَتُهَنُّونِي بِالْقَضَاءِ وَقَدْ جُعِلْتُ عَلَى رَأْسٍ مُهْوَاةٍ مَنْزِلَتُهَا أَبْعَدُ مِنْ عَدَنَ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْقَضَاءِ لأَخَذُوهُ بِالدُّولِ رَغْبَةَ عَنْهُ وَكَرَاهِيَةً لَهُ، وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الآذَانِ لأَخَذُوهُ بِالدُّولِ رَغْبَةً فِيهِ وَحِرْصًا عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ:
أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِي الْعَصَافِيرَ مِنَ الصبيان ويرسلهن، / ويقول: اذهبن فعشن. 4/ أقال ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ،عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لأَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنِ احْتَجْتُ بَعْدَكَ آكُلُ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: لا، اعْمَلِي وَكُلِي، قَالَتْ: فَإِنْ ضَعُفْتُ عَنِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: الْتَقِطِي السُّنْبُلَ وَلا تَأْكُلِي الصَّدَقَةَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ:
لَوْلا ثَلاثٌ لَمْ أُبَالِ مَتَى مِتُّ: لَوْلا أَنْ أَظْمَأَ بِالْهَوَاجِرِ، وَلَوْلا أَنْ أُعَفِّرَ وَجْهِي بِالتُّرَابِ، وَلَوْلا أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ [1] :
أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ اشْتَكَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا تَشْتَكِي؟
قَالَ: أَشْتَكِي ذُنُوبِي، قَالُوا: وَمَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَشْتَهِي الْجَنَّةَ، قَالُوا: أَفَلا نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي أَضْجَعَنِي.
توفي أبو الدرداء بالشام فِي هذه السنة.
وقيل: فِي سنة اثنتين وثلاثين.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید