المنشورات

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل

واسم أمه نتيلة بنت جناب بن كليب. ولد قبل ولادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث سنين، وكان له من الولد الفضل وهو أكبر ولده، وعَبْد اللَّهِ وهو الحبر، وعبيد الله الجواد، وعَبْد الرَّحْمَنِ، وقثم، ومعبد، وأم حبيبة، وأم الكل لبابة بنت الحارث، وكان له من غيرها كثير، وتمام، والحارث. وكان يضرب المثل بعَبْد اللَّهِ فِي العلم، وبعبيد الله فِي الجود.
أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمَسْلَمَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُخَلِّصُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سليمان الطوسي، قال: حدثنا الزبير بن بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الجمحيّ، عن أبيه، قال:
12/ أدخل أَعْرَابِيٌّ دَارَ الْعَبَّاسِ بْنِ/ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي جَانِبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي وَلا يَرْجِعُ فِي شَيْءٌ يُسْأَلُ عَنْهُ، وَفِي الْجَانِبِ الآخِرِ عُبَيْدُ اللَّهِ يُطْعِمُ كُلَّ مَنْ دَخَلَ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ فَعَلَيْهِ بِدَارِ الْعَبَّاسِ، هَذَا يُفْتِي وَيُفَقِّهُ النَّاسَ، وَهَذَا يُطْعِمُ الطَّعَامَ. وَكَانَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِبُعْدِ مَا بَيْنَ قُبُورِ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ دُفِنَ بِالطَّائِفِ، وَعُبَيَدَ اللَّهِ بالمدينة، والفضل بالشام، وقثم بسمرقند، ومعبد بِإِفْرِيقِيَّةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف قَالَ: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [1] :
أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا نَفَرُوا [2] إِلَى بَدْرٍ فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ هَبَّ أَبُو جَهْلٍ مِنْ نَوْمِهِ، فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلا تَبًّا لِرَأْيِكُمْ [3] مَاذَا صَنَعْتُمْ، خَلَّفْتُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَرَاءَكُمْ، فَإِنْ ظَفَرَ بِكُمْ مُحَمَّدٌ كَانُوا مِنْ ذَلِكَ بِنَجْوَةٍ [4] ، وَإِنْ ظَفَرْتُمْ بمُحَمَّدٍ أَخَذُوا ثَأْرَهُ مِنْكُمْ مِنْ قَرِيبٍ مِنْ أَوْلادِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ، فَلا تَذَرُوهُمْ فِي بَيْضَتِكُمْ وَنِسَائِكُمْ [5] ، وَلَكِنْ أَخْرِجُوهُمْ مَعَكُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ غَنَاءٌ، فَرَجَعُوا إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المطلب ونوفلا وطالبا وعقيلا كرها.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا رُوَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كُنْتُ غُلامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ الإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ، فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ/ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ، فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ، وهو على 12/ ب ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصَحَابِنَا، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيَسَرِ، وَكَانَ رَجُلا مَجْمُوعًا، وَكَانَ الْعَبَّاسُ جَسِيمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَسَرْتَهُ» ؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلا بَعْدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ» . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، قَالَ [1] : لَمَّا كَانَتْ أُسَارَى بَدْرٍ كَانَ فِيهِمُ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَهِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا أَسْهَرَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنِينُ الْعَبَّاسِ» . فَقَامَ رَجُلٌ فَأَرْخَى وِثَاقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لِي لا أَسْمَعُ أَنِينَ الْعَبَّاسِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي أَرْخَيْتُ مِنْ وِثَاقِهِ شَيْئًا، قَالَ: «فَافْعَلْ ذَلِكَ بِالأُسَارَى كُلِّهِمْ» . أنبأنا الحسين بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الطوسي، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضَالَةِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ وَإِنَّ جَفْنَةَ الْعَبَّاسِ لَتَدُورُ عَلَى فُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ، وَإِنَّ سَوْطَهُ وَقَيْدَهُ لَمُعَدٌّ لسفهائهم.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي وِلايَتِهِمَا لا يَلْقَى الْعَبَّاسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهُوَ رَاكِبٌ إِلا نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَقَادَهَا وَمَشَى مَعَ الْعَبَّاسِ حَتَّى يَبْلُغَ مَنْزِلَهُ أَوْ مَجْلِسَهُ فَيُفَارِقَهُ.
توفي العباس يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب هَذِهِ السنة، وَهُوَ ابْن ثمان وثمانين سنة، وغسله علي بن أبي طالب، وصلى عليه عثمان، ودفن بالبقيع.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید