المنشورات

من ولى بعد موت عثمان وصفة دفنه

ذكر سيف بن عمر أن عثمان قتل يوم الجمعة، ودفن ليلة السبت فِي جوف الليل.
قَالَ أبو بشر العابدي [3] : نبذ عثمان ثلاثة أيام لا يدفن، ثم إن حكيم بن حزام وجبير بن مطعم كلما عليا فِي أن يأذن لهما فِي دفنه ففعل، فلما سمع بذلك قعدوا له فِي الطريق بالحجارة، فأرسل إليهم عليّ يعزم عليهم ليكفّنّ عنه ففعلوا.
21/ أوقال غيره [4] : دفن بين المغرب والعتمة، / ولم يشهد جنازته إلا مروان وثلاثة من مواليه، وابنته الخامسة.
وقَالَ الشعبي [5] : صلى عليه مروان.
قَالَ الواقدي [6] : الثبت عندنا أنه صلى عليه جبير بن مطعم، وقَالَ صالح بن كيسان: خرج حكيم بن حرام فِي اثني عشر رجلا منهم الزبير.
وروى الواقدي: أنهم لما قتلوه أرادوا جز رأسه، فوقعت عليه نائلة وأم البنين، فمنعنهم، وصحن، وضربن الوجوه، وخرقن ثيابهن، فقَالَ ابن عديس: اتركوه، فأخرج ولم يغسل إلى البقيع، فأقبل عمير بن ضابىء، فنزا عليه فكسر ضلعا من أضلاعه، وقَالَ: سجنت ضابئا حتى مات فِي السجن.
وكان عمر عثمان [1] اثنتين وثمانين سنة وأشهرا. وقيل ثلاثا وثمانين. وقيل: ستا وثمانين. وقيل ثمانيا وثمانين.
وقتل وعامله على مكة عَبْد اللَّهِ بن الحضرمي، وعلى الطائف القاسم بن ربيعة الثقفي، وعلى صنعاء يعلى بن أمية، وعلى الجند عَبْد اللَّهِ بن ربيعة، وعلى البصرة عَبْد اللَّهِ بن عامر بن كرز، وعلى مصر عَبْد اللَّهِ بن سعد بن أبي سرح ثم غلب مُحَمَّد بن أبي حذيفة على مصر فأخرج ابن سعد، وعلى الكوفة: على صلاتها أبو مُوسَى، وعلى حربها القعقاع بن عمرو، وعلى قرقيسياء جرير بن عَبْد اللَّهِ، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وعلى همذان النسير، وعلى الري سعيد بن قيس، وعلى أصفهان السائب بن الأقرع، وعلى ماسبذان حبيش، وعلى بيت المال عقبة بن عمرو، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان.
وعمال معاوية على حمص عَبْد الرَّحْمَنِ بن خالد بن الوليد، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردن أبو الأعور بن سفيان، وعلى القضاء أبو الدرداء، وعلى قضاء عثمان زيد بن ثابت.
فصل
ولما قتل عثمان رضي الله عنه انتهبت داره ودار غيره، وانتهبت دار أبي هريرة.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ المذهب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا/ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: 21/ ب حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: فصفهن بين يَدَيْهِ ثُمَّ دَعَا، فَقَالَ لِي: اجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدِكَ وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلا تَنْثُرْهُ. قَالَ: فَجَعَلْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَآكُلُ وَأُطْعِمُ [1] ، وَكَانَ لا يُفَارِقُ حِقْوِي. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْقَطَعَ عَنْ حِقْوِي وَسَقَطَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ [2] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمَأْمُونِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُصِبْتُ بِثَلاثٍ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ صُوَيْحِبَهُ وَذَا يَدٍ مِنْهُ، وَبِقَتْلِ عُثْمَانَ وَالْمِزْوَدِ. قَالُوا: وَمَا الْمِزْوَدُ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابَتِ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدٍ، قَالَ:
«فَآتِنِي بِهِ» ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخْرَجَ قَبْضَةً، فَبَسَطَهَا، ثم قال: ادع لي عشرة، فدعوت له عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ قَبْضَةً فَبَسَطَهَا، ثُمَّ قالَ: ادْعُ لِي عَشَرَةً، فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَمَا زَالَ يَصْنَعُ ذَلِكَ حَتَّى أَطْعَمَ الْجَيْشَ كُلَّهُ وَشَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: «خُذْ مَا جِئْتَ بِهِ وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَاقْبِضْ وَلا تَكُبَّهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَبَضْتُ عَلَى أَكْثَرِ مِمَّا جِئْتُ بِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَمَّا أَكَلْتُ، أَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ وَأَطْعَمْتُ، وَحَيَاةَ عُمَرَ وَأَطْعَمْتُ، وَحَيَاةَ عُثْمَانَ وَأَطْعَمْتُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْتُهِبَتْ بَيْتِي وَذَهَبَ الْمِزْوَدُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ جَهَّزْتُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا في سبيل الله.
فصل
22/ أ/ ولما ضرب عثمان بالسيف اتقت نائلة بنت الفرافصة بيدها، فقطعت إصبعان من أصابعها، فلما قتل كتبت إلى معاوية: من نائلة بنت الفرافصة إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد. فإني أذكركم باللَّه الذي أنعم عليكم، وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة، وأبعدكم عن الكفر، وأنشدكم الله فأذكركم حقه وحق خليفته أن تنصروه، وأن أمير المؤمنين بغي عليه وكنت مشاهدة أمره، إن أهل المدينة حصروه يحرسونه ليلهم ونهارهم قياما على أبوابه بسلاحهم حتى منعوه الماء، ثم إنه رمي بالنبل والحجارة، ثم أحرقوا باب الدار، ثم دخلوا عليه وأخذوا بلحيته وضربوه على رأسه ثلاث ضربات وطعنوه فِي صدره ثلاث طعنات، وقد أرسلت إليكم بثوبه، فحلف رجال من الشام ألا يطئوا النساء حتى يقتلوا قتلته أو تذهب أرواحهم.
فصل
وقد كان أمير المؤمنين علي يقول: إنما وهنت يوم قتل عثمان. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ أحمد بن محمد الحداد، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَنْجَوَيْهِ، أَنَّ الْحَاكِمَ أَبَا أَحْمَدَ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظَ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ زَوْدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: [هَلْ تَدْرُونَ] [1] إِنَّما مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ وَقَتْلُ عُثْمَانَ، كَمَثَلِ ثَلاثَةِ أَثْوَارٍ كُنَّ فِي أَجَمَةٍ: ثَوْرٌ أَبْيَضُ، وَثَوْرٌ أَسْوَدُ، وَثَوْرٌ أَحْمَرُ وَمَعَهُمْ فِيهَا أَسَدٌ، فَكَانَ الأَسَدُ لا يَقْدِرُ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ لاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلثَّوْرِ الأَسْوَدِ وَالثَّوْرِ الأَحْمَرِ: إِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَيْنَا فِي أَجَمَتِنَا هَذِهِ إِلا الثَّوْرُ الأَبْيَضُ فَإِنَّهُ مَشْهُورُ اللَّوْنِ، فَلَوْ تَرَكْتُمَانِي فَأَكَلْتُهُ، وَصَفَتْ لِي وَلَكُمَا الأَجَمَةُ وَعِشْنَا فِيهَا، فَقَالا لَهُ: دُونَكَ وَمَا تُرِيدُ، فَأَكَلَهُ، ثُمَّ لَبِثَ غَيْرَ كَثِيرٍ، فَقَالَ لِلثَّوْرِ الأَحْمَرِ: إِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَيْنَا فِي أَجَمَتِنَا/ هَذِهِ إِلا الثَّوْرُ الأَسْوَدُ فَإِنَّهُ مَشْهُورُ اللَّوْنِ، وَإِنَّ لَوْنِي وَلَوْنَكَ لا يشتهران، 22/ ب فَلَوْ تَرَكْتَنِي لآكُلَهُ صَفَتْ لِي وَلَكَ الأَجَمَةُ وَعِشْنَا فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: دُونَكَ، فَأَكَلَهُ. ثُمَّ لَبِثَ غَيْرَ كَثِيرٍ فَقَالَ لِلثَّوْرِ الأَحْمَرِ: إِنِّي آكُلُكَ، قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أُنَادِي ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ، قَالَ:
نَادِ، فَقَالَ: أَلا إِنِّي أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ، أَلا إِنِّي أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ، أَلا إِنِّي أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ. [قَالَ: يَقُولُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلا] [1] وَإِنِّي إِنَّمَا وُهِنْتُ يَوْمَ قتل عثمان رضي الله عنه.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید