المنشورات

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأمه صفية بنت عبد المطلب، ويكنى أبا عَبْد اللَّهِ

أسلم بعد أبي بكر، وكان رابعا أو خامسا، وهو يومئذ ابن ست عشرة سنة، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا، ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير، إلى الخفة ما هو فِي اللحم، خفيف اللحية، أسمر اللون أشعر، وله من الولد أحد عشر ذكرا، وتسع نسوة: عَبْد اللَّهِ، ومصعب، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وخديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة، وأمهم أسماء بنت أبي بكر. وخالد، وعمرو، وحبيبة، وسودة، وهند، وأمهم أم خالد، وهي بنت خالد بن سعيد بن العاص. ومصعب، وحمزة ورملة [5] وأمهم أم الرباب بنت أنيف. وعبيدة،وجعفر، وأمهما زينب بنت مرثد. وزينب، وأمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
وخديجة الصغرى، وأمها الحلال بنت قيس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدّثنا محمد بن 41/ ب سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَمَّامٌ، عَنْ/ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ [1] : كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ رِيطَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَلائِكَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى سِيمَاءِ الزُّبَيْرِ» [2] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، [عَنْ جَابِرِ] [3] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ» ؟ [يَوْمَ الأَحْزَابِ] فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، قَالَ: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، قَالَ: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير» . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا عَفَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ [4] : قُلْتُ لأَبِي يَوْمَ الأَحْزَابِ: قَدْ رَأَيْتُكَ يَا أَبَهْ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسٍ لَكَ أَشْقَرَ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتَنِي أَيْ بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ لِي أَبَوَيْهِ يَقُولُ: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قال [5] :لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ، وَإِنِّي لا أراني إلا سأقتل الْيَوْمَ مَظْلُومًا، وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لِدَيْنِي، أَفَتَرَى دَيْنَنَا يُبْقِي مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ بِعْ وَاقْضِ دَيْنِي وَأَوْصِ بالثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا مِنْ بَعْدِ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ. وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ بَنَاتٍ، قَالَ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فاستعن عليه مولاي. قال: فو الله مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أبه، من مولاك؟ قال: الله، فو الله مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ، فَيَقْضِيَهُ.
قَالَ: وقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين فيهما الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر.
قَالَ: / وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، 42/ أفيقول الزبير: لا، ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون فِي غزو مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
قَالَ عَبْد اللَّهِ بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفِي ألف ومائتي ألف، فلقي حكيم بن حزام عَبْد اللَّهِ بن الزبير، فقَالَ: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟
قَالَ: فكتمته وقلت مائة ألف، فقَالَ حكيم: والله ما أرى أموالكم تتسع لهذه، فقَالَ عَبْد اللَّهِ: أفرأيتك إن كانت ألفِي ألف ومائتي ألف؟ قَالَ: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عَبْد اللَّهِ بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقَالَ: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة، فأتاه عَبْد الله بن جعفر- وكان له على الزبير أربعمائة ألف- فقَالَ لعبد الله بن الزبير: إن شئتم تركتها لكم وإن شئتم فأخروها فيما تؤخرون، إن أخرتم شيئا، فقَالَ عَبْد اللَّهِ بن الزبير: لا، قَالَ: فاقطعوا لي قطعة، فقال له عبد الله: لك من هاهنا إلى ها هنا، قَالَ: فباعه منها بقضاء دينه، فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف.
قَالَ: فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، قَالَ: فقَالَ له معاوية: كم قومت الغابة؟ قَالَ: كل سهم مائة ألف، قَالَ: كم بقي؟ قال:أربعة أسهم ونصف، قَالَ: فقَالَ المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقَالَ عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقَالَ ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف، فقَالَ معاوية: فكم بقي؟ قَالَ: سهم ونصف، قَالَ: أخذته بخمسين ومائة ألف.
قَالَ: وباع عَبْد اللَّهِ بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير 42/ ب من قضاء دينه، قَالَ بنو الزبير: / أقسم بيننا ميراثنا، قَالَ: لا والله لا أقسم بينكم ميراثكم حتى أنادي فِي الموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. قَالَ:
فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم.
قَالَ: وكان للزبير أربع نسوة، قَالَ: وربع الثمن فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف. قَالَ: فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.
قَالَ علماء السير: حضر الزبير يوم الجمل، ثم بدا له أن يقاتل فركب فرسه وانطلق يريد المدينة فلحقه قوم فقاتلوه، وحمل عليه عمرو بن جرموز فطعنه فأثبته فوقع فاعتوروه وأخذوا سيفه، وأخذ ابن جرموز رأسه فحمله إلى علي وأتى بسيفه فأخذه علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقَالَ: سيف والله طال ما جلا به عن وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكرب. وقَالَ: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وجلس يبكي عليه هو أصحابه، وقَالَ: إني لأرجو أن أكون أنا وطَلْحَة والزبير من الذين قَالَ الله: وَنَزَعْنا مَا في صُدُورِهِمْ من غِلٍّ 7: 43 [1] . ودفن الزبير بوادي السباع، وكانت عنده عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكان أهل المدينة يقولون: من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة، لأنها كانت عند عَبْد اللَّهِ بن أبي بكر، فقتل عنها، ثم كانت عند عمر بن الخطاب فقتل عنها، ثم عند الزبير فقتل عنها وهو ابن أربع وستين سنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید