المنشورات

وقعة صفين

وذلك أن عليا رضي الله عنه [1] ومعاوية توادعا على ترك الحرب فِي شهر المحرم طمعا فِي الصلح، واختلفت بينهما الرسل، فلم تنفع.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ [2] بن المبارك، ومحمد بن ناصر [3] ، قالا: أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَبْد الجبار، قال: أخبرنا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقَدِّمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْدَانِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي سَعِيدُ بْنُ مَرْدَانِيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ: كُنَّا بِصِفِّينَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَصَدَتْهُ وَهُوَ فِي سبعمائة مِنْ رَبِيعَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلا تَرُوحُ إِلَى الْقَوْمِ، فَإِمَّا لَنَا وَإِمَّا عَلَيْنَا، فَسَكَتَ فَلْم يُجِبْنِي، فَقُلْتُ:
مَا لِي أَرَاكَ مُخَيِّمًا، أَلا تروح إلى القوم فإما لنا وإما علينا، فقال: ادن منا يا ابن حاتم، فتخطيت الناس إليه حتى وَضَعْتُ يَدِي عَلَى رُكْبَتِهِ، فَقَالَ لِي: يَا عَدِيُّ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ مَعَ قَوْمٍ يُطِيعُونَهُ، وَأَنَا مَعَ قَوْمٍ يَعْصُونِي، فَأَمَّا الَّذِينَ مَعِي فَأَشَدُّ مكايدة من الذين مع معاوية،فَعَذَرْتُهُ وَرَحِمْتُهُ رَحْمَةً شَدِيدَةً مَا رَحِمْتُ أَحَدًا مِثْلَهَا قَطُّ.
قَالَ علماء السير: فتناهدوا عند انسلاخ المحرم، وبات علي رضي الله عنه عنه يعبي الكتائب، ويقول: لا تقاتلوهم إلا أن يبدءوكم، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم. وبعث على خيل أهل الكوفة الأشتر، وعلى خيل أهل البصرة سهل بن حنيف، وعلى رجالة أهل الكوفة عمار بن ياسر، وعلى رجالة أهل البصرة قيس بن سعد وهاشم بن عتبة مع ابنه.
46/ أوبعث/ معاوية على ميمنته ابن ذي الكلاع الحميري، وعلى ميسرته حبيب بن مسلمة الفهري، وعلى مقدمته أبو الأعور السلمي، وكان على خيول الشام كلها عمرو بن العاص، ومسلمة بن عقبة على رجالة أهل دمشق، والضحاك بن قيس على رجالة الناس كلهم. وبايع رجال من أهل الشام على الموت، فعقلوا أنفسهم بالعمائم وكانوا خمسة صفوف.
ثم اقتتلوا [1] فكانوا يتبارزون، التقوا جميعا فِي بعض الأيام، لا ينصرف بعضهم عن بعض إلا إلى الصلاة، وكثرت القتلى بينهم، ثم تحاجزوا عند الليل، ثم أصبحوا على القتال، وكان علي رضي الله عنه يتقدم حتى أن النبل لتمر بين عاتقه ومنكبه، وكان معاوية يقول: أردت أن أنهزم، فذكرت قول ابن الإطنابة، والإطنابة امرأة من بلقين وهو:
أبت لي عفتي وحياء نفسي ... وإقدامي على البطل المشيح [2]
وإعطائي على المكروه مالي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
فيمنعني هذا القول من الفرار.
وكان عمار يقول: والله لو ضربونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على الحق وهم على الباطل. وكان يصيح بعمرو بن العاص: يا عمرو، بعت دينك بمصر تبا لك تبا طالما بغيت فِي الإسلام عوجا. ثم قَالَ لأصحابه: لقد قاتلت صاحب هذه الراية- يعني عمرو بن العاص- ثلاثا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه الرابعة.
وكان علي رضي الله عنه يحمل ويضرب حتى ينثني سيفه، فقتل عمار، فقَالَ عَبْد اللَّهِ بن عمرو لأبيه: يا أبه، قتلتم هذا الرجل فِي يومكم هذا، وقد قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ويحك تقتلك الفئة الباغية» فقَالَ عمرو: أتسمع ما يقول عَبْد اللَّهِ، فقَالَ معاوية: إنك شيخ أخرق، ولا تزال تحدث بالحديث وأنت تدحض فِي بولك، أو نحن قتلنا عمارا، إنما قتل عمارا من جاء به.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي/ طَاهِرٍ، [أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أخبرنا ابن حيويه، أخبرنا ابن 46/ ب مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، أَخْبَرَنَا] [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ [2] :
إِنِّي لأَسِيرُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ عَنْ صِفِّينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَهْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَمَّارٍ: «وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: فقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَزَالُ تَأْتِينَا بِهَنَّةٍ تَدْحَضُ بِهَا فِي بَوْلِكَ، أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ.
قَالَ علماء السير: ولما قتل عمار حمل علي رضي الله عنه وأصحابه، فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض، وقتلوا كل من انتهوا إليه حتى بلغوا معاوية، وعلي رضي الله عنه يقول [3] :
أضربهم ولا أرى معاويه ... الجاحظ العين العظيم الحاويه
ثم نادى علي: يا معاوية، علام يقتل الناس بيننا، هلم أحاكمك إلى الله، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور، فقَالَ له عمرو: أنصفك [الرجل] [4] ، فقال معاوية:
إنك تعلم أنه لم يبارزه رجل قط إلا قتله، قَالَ له عمرو: ما يجمل بك إلا مبارزته، فقال معاوية: طمعت فيها بعدي.
ثم اقتتل الناس ليلة إلى الصباح، وهي ليلة الهرير، حتى تقصفت الرماح، ونفذ النبل، وصار الناس إلى السيوف، وأقبل علي رضي الله عنه يسير فِي الناس ويحرض، والأشتر فِي ميمنته، وابن عباس فِي الميسرة، وعلي فِي القلب، والناس يقتتلون من كل جانب. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ، [أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بُشْرَانَ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا] [1] أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ، قَالَ:
لَمَّا وَلِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاثِينَ، ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى صِفِّينَ، وَكَانَتِ الْحَرْبُ سَنَتَيْنِ، وَقُتِلَ بِصِفِّينَ سَبْعُونَ أَلْفًا: خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَخَمْسَةٌ وِعْشِرُونَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وعشرون بدريا. وكان 47/ أالمقام بِصِفِّينَ/ مِائَةَ يَوْمٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ فِيهِ تِسْعُونَ وَقْعَةً، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ الْتَقَى الْحَكَمَانِ.
أَخْبَرَنَا الحافظ بن عبد الوهاب وابن ناصر [قالا: أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَبْد الجبار، أخبرنا ابن حيويه، أخبرنا أبو بكر بن الأنباري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد المقدمي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن سعد الزهري، أَخْبَرَنَا إسحاق بن أبي إسرائيل، أَخْبَرَنَا حماد بن زيد، عن هشام،] [2] عن مُحَمَّد بن سيرين، قَالَ:
قتل يوم صفين سبعون ألفا، ما عرفت عدتهم إلا بالقصب، كان يوضع على كل قتيل قصبة.
فصل
فلما رأى عمرو [3] بن العاص أن أمر العراق قد اشتد وخاف الهلاك، قال لمعاوية: هل لك فِي أمر أعرضه عليك لا يزيدنا إلا اجتماعا، ولا يزيدهم إلا فرقة، قَالَ: نعم قَالَ: نرفع المصاحف ثم نقول: ما فيها حكم بيننا وبينكم فإن أبى بعضهم أن يقبل، وقَالَ بعضهم: بل نقبل، فتكون فرقة تقع بينهم، وإن قالوا: نقبل، رفعنا هذا القتال إلى أجل.
فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا: هذا كتاب الله بيننا وبينكم، من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق. فلما رأى الناس المصاحف قد رفعت، قالوا: نجيب إلى كتاب الله ونثيب إليه، فقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ما رفعوها إلا خديعة، فقالوا له: ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله، فقَالَ: إني إنما أقاتلهم بحكم الكتاب، فقَالَ له مسعر بن فدكي التميمي، وزيد بن حصين الطائي فِي عصابة معهما من القراء الذين صاروا خوارج بعد ذلك: يا علي، أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم، أو نفعل ما فعلنا بابن عفان، إنه أبى علينا أن نعمل بما فِي كتاب الله فقتلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك.
قَالَ: أما أنا فإن تطيعوني تقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم، قالوا: فابعث إلى الأشتر فليأتك. فأرسل إليه، فقَالَ للرسول: إني قد رجوت أن يفتح الله لي فلا تعجلني. فارتفع الرهج من قبل الأشتر، فقَالَ القوم: ما نراك أمرته إلا بالقتال، فقَالَ: هل رأيتموني ساررته؟
قالوا: فابعث إليه فليأتك وإلا اعتزلناك/ فبعث إليه: أقبل إلي فإن الفتنة قد وقعت. فلما 47/ ب بلغه ذلك، قَالَ: ألرفع المصاحف؟ قَالَ: نعم، قَالَ: أما والله لقد ظننت حين رفعت أنها ستوقع اختلافا وفرقة، فقَالَ له الرسول: أتحب أن تظفرها هنا وتسلم أمير المؤمنين إلى عدوه؟ فأقبل حتى انتهى إليهم، فقَالَ: يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن، أحين قهرتم القوم رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها، أمهلوني فإني قد رأيت النصر، فقالوا: إذا ندخل معك فِي خطيئتك، فقَالَ: خدعتم والله فانخدعتم، فسبوه وسبهم. وقَالَ الناس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا [وبينهم حكما] [1] .
فقَالَ الأشعث: يا معاوية، لأي شيء رفعتم هذه المصاحف؟ قَالَ: لنرجع إلى أمر الله به، تبعثون رجلا ترضون به، ونبعث منا رجلا، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما فِي كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه.
فجاء الأشعث إلى علي فأخبره، فقَالَ الناس: قد رضينا، فقَالَ أهل الشام: فإنا قد اخترنا عمرو بن العاص، فقَالَ الأشعث وأولئك الذين صاروا خوارج بعد: فإنا رضينا بأبي مُوسَى الأشعري، فقَالَ علي: إنكم عصيتموني فِي أول الأمر فلا تعصوني الآن، إني لا أرى أن أولي أبا مُوسَى، فقَالَ أولئك: إنا لا نرضى إلا به، قَالَ: فهذا ابن عباس، قالوا: لا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكما بأدنى منه إلى الآخر، قَالَ: فإني أجعل الأشتر، قالوا: وهل سعر الأرض غير الأشتر؟ قَالَ:
فاصنعوا ما شئتم، فقَالَ الأحنف لعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنك قد رميت بحجر الأرض، فإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يصير فِي أكفهم، ويبعد حتى يصير بمنزلة النجم منهم، فإن أبيت أن تجعلني حكما فاجعلني ثانيا أو ثالثا فإنه لن يعقد عقدة إلا 48/ أحللتها، ولن يحل/ عقدة أعقدها إلا عقدت لك أخرى أحكم منها. فأبى الناس إلا أبا مُوسَى. فكتبوا: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ... » . فقَالَ عمرو: اكتب اسمه واسم أبيه، وهو أميركم، أما أميرنا فلا، فقَالَ الأحنف بن قيس: لا تمح اسم «إمارة المؤمنين» فإني أخاف إن محوتها لا ترجع إليك أبدا، فأبى ذلك علي، فقَالَ له الأشعث: امح هذا الاسم برحه الله [1] ، فمحي، فقَالَ علي: الله أكبر، سنة بسنة، والله إني لكاتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية إذ قالوا: لست رسول الله، ولا نشهد لك به، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فكتب: هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضي علي على أهل الكوفة ومن معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضي معاوية على أهل الشام ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حكم الله وكتابه،نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وجد الحكمان فِي كتاب الله عز وجل- وهما أبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص- وما لم يجدا فِي كتاب الله فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة. وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين العهود والمواثيق أنهما أمنان على أنفسهما وأهلهما، والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه أنا على ما فِي هذه الصحيفة، وأجلا القضاء إلى رمضان، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه على تراض منهما. وكتب فِي يوم الأربعاء لثلاث عشر خلت من صفر سنة سبع وثلاثين، على أن يوافي عليّ ومعاوية موضع الحكمين بدومة الجندل فِي رمضان، فإن لم يجتمعا بذلك اجتمعا من العام المقبل.
وخرج الأشعث بذلك الكتاب/ يقرؤه على الناس، ويعرضه عليهم [1] ، فمر به 48/ ب على طائفة من بني تميم فيهم عروة بن أدية، فقرأه عليهم، فقَالَ عروة: تحكمون فِي أمر الله الرجال، لا حكم إلا للَّه، ثم سل سيفه فضرب به عجز دابته، فغضب للأشعث قومه [وناس كثير من أهل اليمن] [2] ، ثم سكتوا.
وأذن علي بالرحيل [3] ، فمضى علي على طريق البر على شاطئ الفرات حتى انتهى إلى هيت وعلى صندوداء.
وقَالَ سيف الضبي: أقاموا بصفين سبعة أو تسعة أشهر. وكان بينهم القتال نحو سبعين زحفا، وقتل فِي ثلاثة أيام نحو سبعين ألفا من الفريقين.
قَالَ الزهري: بلغني أنه كان يدفن فِي القبر خمسون.
قَالَ ربيعة بن لقيط: مطرت السماء عليهما دما كانوا يأخذونه بالآنية.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید