المنشورات

وجه ابن عباس زيادا عن أمر علي رضي الله عنه إلى فارس

وذلك أنه لما قتل ابن الحضرمي اختلف الناس على علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وطمع أهل فارس وأهل كرمان، فغلب أهل كل ناحية على ما يليهم وأخرجوا عمالهم، فاستشار علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رجل يوليه فارس حين امتنعوا من [أداء] [5] الخراج، فقَالَ له جارية بن قدامة: ألا أدلك يا أمير المؤمنين على رجل صليب الرأي، عالم بالسياسة، كاف لما ولي؟ قَالَ: من هو؟ قَالَ: زياد، قَالَ: هو لها، فولاه فارس وكرمان، ووجهه فِي أربعة آلاف، فدوخ تلك البلاد حتى استقاموا وأدوا الخراج. فقَالَ أهل فارس: ما رأينا سيرة أشبه بسيرة كسرى أنوشروان من سيرة هذا العربي فِي اللين والمداراة والعلم بما يأتي. وذلك أنه لما قدم فارس بعث إلى رؤسائها فوعد من نصره ومناهم، وخوف قوما وتوعدهم، وضرب بعضهم ببعض، ودل بعضهم على عورة بعض، فهربت طائفة وأقامت طائفة، وقتل بعضهم بعضا، وصفت له فارس، فلم يلق فيها حربا، وفعل مثل ذلك بكرمان، ثم رجع إلى فارس، فسار فِي كورها ومناهم فسكن الناس إلى ذلك، واستقامت له البلاد، وأتى اصطخر فنزلها وحصن قلعتها، وحمل إليها الأموال فكانت تسمى قلعة زياد، ثم تحصن فيها بعد ذلك منصور اليشكري، فهي اليوم تسمى قلعة منصور.
وفِي هذه السنة سار معاوية إلى دجلة ونظر إليها ثم رجع.
واختلف العلماء فيمن حج بالناس فِي هذه السنة، فقيل: عبيد الله بن عباس، وقيل: عَبْد اللَّهِ بن عباس [1] .
قَالَ الواقدي [2] : بعث علي رضي الله عنه على الموسم سنة تسع وثلاثين عَبْد اللَّهِ بن عباس، وبعث معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي ليقيم الحج للناس، فلما 65/ أاجتمعا بمكة تنازعا ولم يسلم أحد منهما إلى صاحبه، فاصطلحا/ على شيبة بن عثمان ابن أبي طَلْحَة.
وكان عمال علي رضي الله عنه فِي الأمصار فِي هذه السنة الذين ذكرنا أنهم كانوا عماله فِي سنة ثمان وثلاثين، غير أن ابن عباس كان شخص فِي هذه السنة عن عمله بالبصرة، واستخلف زياد بن سمية على الخراج، وأبا الأسود الدؤلي على القضاء فِي البصرة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید