المنشورات

لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب، أبو عقيل الشاعر

كان يقال لأبيه ربيعة المقترين، لجوده وسخائه، قدم فِي وفد فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم وذلك بعد وفاة أخيه أربد وعامر بن الطفيل، ثم هاجر وحسن إسلامه، ونزل الكوفة فِي أيام عمر، وكان من الشعراء المجودين فِي الجاهلية وفِي الإسلام. وقَالَ له المغيرة: أنشدني ما قلت من الشعر فِي الجاهلية والإسلام، فقَالَ: قد أبدلني/ الله 73/ أبذلك سورة البقرة وآل عِمْرانَ.
وقَالَ أبو عبيدة [2] : لم يقل لبيد فِي الإسلام إلا بيتا واحدا، وهو هذا:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتى لبست من الإسلام سربالا
قَالَ عمرو بن [3] شيبة، حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن حكيم، قَالَ: كان لبيد من أجواد العرب، وكان قد آلى ألا تهب الصبا إلا أطعم، وكان له جفنتان يغدا بهما ويراح فِي كل يوم على أهل مسجد قومه، فهبت الصبا يوما والوليد بن عقبة على الكوفة، فصعد الوليد المنبر فخطب الناس، ثم قَالَ: إن أخاكم لبيد بن ربيعة نذر فِي الجاهلية ألا تهب الصبا إلا أطعم، وهذا يوم من أيامه، وقد هبت الصبا فأعينوه، وأنا أول من فعل، ثم نزل عن المنبر، فأرسل إليه بمائة بكرة، وكتب إليه بأبيات قالها:
ما أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أبي عقيل
أشم الأنف أصيد عامري ... طويل الباع كالسيف الصقيل
فقَالَ لابنته: أجيبيه، فلعمري لقد عشت برهة وما أنحني بجواب شاعر، فقالت:
إذا هبت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف [1] أروع عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم له معاد ... وظني بابن أروى أن تعودا
فقَالَ لبيد: لقد أحسنت لولا إنك استطعمتيه، فقالت: إن الملوك لا تستحي من مسألتهم، فقَالَ: وأنت فِي هذا يا بنية أشعر.
73/ ب ولما بلغ لبيد/ سبعا وسبعين سنة، قَالَ:
باتت تشكى إلي النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تراءى ثلاثا تبلغي أملا ... وفِي البلاد وفاء للثمانينا
فلما بلغ التسعين، قال [2] :
كأني قد جاوزت تسعين بعد ما ... خلعت بها عن منكبي ردائيا
فلما بلغ مائة وعشرا قَالَ:
أليس فِي مائة قد عاشها رجل ... وفِي تكامل عشر بعدها عمر
فلما جاوزها قَالَ:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید