المنشورات

عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى

أمها أم كرز بنت الحضرمي، أسلمت وبايعت وهاجرت، فتزوجها عَبْد اللَّهِ بن أبي بكر وجعل لها بعض أرضيه على ألا تتزوج بعده، فلما توفي بعث إليها عمر وقَالَ:
إنك قد حرمت على نفسك ما أحل الله لك، فردي المال وتزوجي، فتزوجها عمر، فأرسلت إليها عائشة أن ردي علينا أرضنا.
أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ البارع، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر بْن المسلمة، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٌ الْمُخَلِّصُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن داود/ الطوسي، قال: حدّثنا 78/ أالزبير بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عن عبد الله بن عاصم بن الْمُنْذِرِ- يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ- قَالَ:
تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَكَانَتْ حَسْنَاءَ ذَاتَ خُلُقٍ بَارِعٍ، فَشَغَلَتْهُ عَنْ مَغَازِيهِ، فَأَمَرَهُ أَبُوهُ بِطَلاقِهَا وَقَالَ: إِنَّهَا قَدْ شَغَلَتْكَ عَنْ مَغَازِيكَ، فَقَالَ:
يَقُولُونَ طَلِّقْهَا وَخَيِّمْ مَكَانَهَا ... مُقِيمًا عَلَيْهَا الْهَمَّ أَحْلامَ نَائِمِ
وَإِنَّ فِرَاقِي أَهْلَ بَيْتٍ جَمَعْتُهُمْ ... عَلَى كُرْهٍ مِنِّي لإِحْدَى الْعَظَائِمِ
ثُمَّ طَلَّقَهَا فَمَرَّ بِهِ أَبُوهُ وَهُوَ يَقُولُ:
لَمْ أَرَ مِثْلِي طَلَّقَ الْعَامَ مِثْلَهَا ... وَلا مِثْلَهَا فِي غَيْرِ جُرْمٍ يُطَلَّقُ
لَهَا خُلُقٌ جَزْلٌ وَرَأْيٌ وَمَنْصِبٌ ... وَخَلْقٌ سَوِيٌّ فِي الْحَيَاةِ مُصَدَّقُ
فَرَقَّ لَهُ أَبُوهُ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا، ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَاةً فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَمَاتَ مِنْهُ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ عَاتِكَةُ تَبْكِيهِ:
رُزِيتُ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ... وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَمَا كَانَ قَصَّرَا
وَآلَيْتُ لا تَنْفَكُّ عَيْنِي حَزِينَةً [2] ... عَلَيْكَ وَلا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رأى مثله فتى ... أكر وأحمى في الهياح وأصبرا
إِذَا شَرَعَتْ فِيهِ الأَسِنَّةُ خَاضَهَا ... إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمْحَ أَحْمَرَا
ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَوْلَمَ، وَكَانَ فِيمَنْ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دَعْنِي أُكَلِّمُ عَاتِكَةَ، فَقَالَ: كَلِّمْهَا يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَأَخَذَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِجَانِبِ الْخِدْرِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَدِيَّةَ نَفْسِهَا، تَقُولِينَ:
آلَيْتُ لا تَنْفَكُّ عَيْنِي قَرِيرَةً ... عَلَيْكَ وَلا يَنْفَكُّ جلدي أصفر
فَبَكَتْ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ، كُلُّ النِّسَاءِ تَفْعَلْنَ هَذَا. ثم قتل 78/ ب عَنْهَا، / ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَ يَكْرَهُ خُرُوجَهَا وَيَحْرَجُ مِنْ مَنْعِهَا، فَخَرَجَتْ لَيْلَةً إِلَى الْمَسْجِدِ، وَخَرَجَ الزُّبَيْرُ فَسَبَقَهَا إِلَى مَكَانٍ مُظْلِمٍ، فَلَمَّا مَرَّتْ بِهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَعْضِ جَسَدِهَا، فَرَجَعَتْ تَتَشَنَّجُ ثُمَّ لَمْ تَخْرُجْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ:
مالك لا تَخْرُجِينَ إِلَى الْمَسْجِدِ كَمَا كُنْتِ تَفْعَلِينَ؟ فَقَالَتْ: فَسَدَ النَّاسُ، فَقَالَ: أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَلَيْسَ يَقْدِرُ غَيْرُكَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ، وَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى قُتِلَ عَنْهَا الزُّبَيْرُ
.



مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید