المنشورات

حسان بن ثابت [بن المنذر] بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، أبو الوليد الأنصاري:

كان من فحول شعراء الجاهلية، وكان يضرب روثة أنفه من طوله ويقول: ما يسرني به مقول من العرب، والله لو وضعته على شعر لحلقه أو على صخر لفلقه. وكان يفد على/ ملوك غسان، ويمدحهم. 93/ أأسلم قديما ولم يشهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشهدا، كان يجبن. عاش ستين [سنة] [5] في الجاهلية وستين [سنة] [6] في الإسلام، ووهب لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيرين أخت مارية، فولدت له عَبْد الرَّحْمَنِ، وكانت له بنت تقول الشعر، وكان ربما قَالَ بيتا فوقف ما بعده عليه فقالته، فقَالَ لها: لا قلت شعرا وأنت حية، فقالت: لا بل أنا لا أقول الشعر وأنت حي.
وكان للمشركين من الشعراء الذين هجوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، أبو سفيان بن الحارث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري، وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حسان، وابن رواحة، وكعب بن مالك. وكان حسان يذكر عيوب القوم وآثامهم، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وكان كعب يذكر الحرب ويقول: فعلنا بهم وفعلنا، ويتهددهم، فكان أشده عليهم قول حسان، وأهونه قول ابن رواحة. فلما أسلموا كان أشده عليهم قول ابن رواحة، وكأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قَالَ للأنصار: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم. فقَالَ حسان: أنا لها، قَالَ: كيف تهجوهم وأنا منهم، قَالَ: إني أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قال: أخبرنا ابن المذهب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: [1] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ لِحَسَّانٍ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ يُنَافِحُ عَنْهُ بِالشِّعْرِ، ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ الْقُدُسِ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ» . وقَالَ حسان فِي فتح مكة [2] :
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء
93/ ب/ وإلا فاصبروا لجلاد يوم ... يعين [3] الله فيه من يشاء
وقَالَ الله قد سيرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء
وجبريل أمين الله [4] فينا ... وروح القدس ليس به كفاء
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء
[5]يعني أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فإنه كان يهاجي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يسلم.
ولحسان: [1]
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله فِي ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي [2] ... لعرض مُحَمَّد منكم وقاء
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري ما تكدره [3] الدلاء
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أَحْمَد، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن هبة الطبري، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن درستويه، قَالَ: أَخْبَرَنَا يعقوب بن سفيان، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن سعيد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أبيه، قَالَ:
عاش حسان بن ثابت مائة سنة وأربع سنين، وعاش أبوه ثابت مائة سنة وأربع سنين، وكان عَبْد الرَّحْمَنِ إذا حَدَّثَنَا بهذا الحديث اشرأب لها وثنى رجليه على مثلها، فمات وهو ابن ثمان وأربعين.







مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید