المنشورات

بيعة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

ويكنى أبا خالد، ولد سنة ست وعشرين هو وعبد الملك، وأمه ميسون بنت بحدل، وكان له أولاد جماعة، فمنهم: معاوية ابنه، وولي الخلافة بعده أياما. ومنهم:
عاتكة، تزوجها عبد الملك بن مروان، فولدت له أربعة أولاد، وهذه عاتكة كان لها اثنا عشر محرما كلهم خلفاء: أبوها يزيد، وجدها معاوية، وأخوها معاوية بن يزيد، وزوجها عبد الملك، وحموها مروان بن الحكم، وابنها يزيد بن عبد الملك، وابن أبيها الوليد بن يزيد، وبنو زوجها: الوليد، وسليمان، وهشام، وابنا ابن زوجها: يزيد وإبراهيم، ابنا الوليد بن عبد الملك. ولم يتفق مثل هذا [2] لامرأة سواها.
وقد أسند يزيد بن معاوية الحديث، فروى عن أبيه، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وإسنادنا إليه متصل، غير أن الإمام أَحْمَد سئل: أيروى عن يزيد [3] الحديث؟
فقَالَ: لا، ولا كرامة، فلذلك امتنعنا أن نسند عنه.
وقد ذكرنا [4] أن معاوية لما مات كان ابنه يزيد غائبا، فلما سمع بموت أبيه معاوية قدم وقد دفن، فبويع له وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة وأشهر، فأقر عبيد الله بن زياد على البصرة، والنعمان بن بشير على الكوفة، وكان أمير مكة عمرو بن سعيد بن العاص، وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، ولم يكن ليزيد هم حين ولي إلا بيعة النفر الذين أبوا على أبيه/ الإجابة إلى بيعة يزيد، فكتب إلى الوليد بن عتبة: 132/ أأما بعد، فخذ حسينا وعبد الله بن عمر، وعَبْد اللَّهِ بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام.
فبعث إلى مروان، فدعاه واستشاره وقَالَ: كيف ترى أن أصنع؟ قَالَ: إني أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة، فإن فعلوا قبلت، وإن أبوا ضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية، فإنهم إن علموا بموته وثب كل واحد منهم فِي جانب، فأظهر الخلاف والمنابذة، إلا أن ابن عمر لا أراه يرى القتال، ولا يحب الولاية، إلا أن تدفع إليه عفوا.
وأرسل عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان وَهُوَ غلام حدث إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما، فوجدهما فِي المجلس جالسين فقالا: أجيبا الأمير. فقالا له: انصرف، فالآن نأتيه: ثم أقبل ابن الزبير على الحسين فقَالَ له: ما تظن فيما بعث إلينا؟ فقَالَ الحسين: أظن طاغيتهم قد هلك، وقد بعث هذا إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا الخبر. قَالَ: وأنا ما أظن غيره، فما تريد أن تصنع؟ قَالَ: اجمع فتياني الساعة، ثم أسير إليه، فإذا بلغت الباب احتبستهم. قال: فإني أخافه عليك إذا دخلت قَالَ: لا آتيه إلا وأنا على الامتناع.
قَالَ: فجمع مواليه وأهل بيته، ثم قام يمشي حتى انتهى إلى باب الوليد وقَالَ لأصحابه: إني داخل، فإن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا علي بأجمعكم، وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج. فدخل وعنده مروان، فسلم عليه بالإمرة وجلس، فأقرأه الوليد الكتاب، ونعى إليه معاوية، ودعاه إلى البيعة، فقَالَ الحسين إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 رحم الله معاوية، وعظم لك الأجر، أما ما سألتني من البيعة فإن مثلي لا يعطي بيعته سرا، ولا أراك تجتزي مني سرا دون أن تظهرها على رءوس الناس علانية قَالَ: أجل، قَالَ: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس/ فكان 132/ ب أمرا واحدا. فقَالَ له الوليد وكان يحب العافية، فانصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس. فقَالَ له مروان. والله إن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينك وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب الحسين عند ذلك فقَالَ: يا ابن الزرقاء، أنت تقتلني أو هو؟ كذبت والله وأثمت. ثم خرج فقَالَ مروان: والله لا يمكنك من مثلها من نفسه، فقَالَ الوليد:
والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت، وإني قتلت حسينا. وأما ابن الزبير فقَالَ: الآن آتيكم. ثم أتى داره، فكمن فيها، فأكثر الرسل إليه، فبعث إليه جعفر بن الزبير فقَالَ له: إنك [1] قد أفزعت عَبْد اللَّهِ [بكثرة] رسلك [2] ، وهو يأتيك غدا إن شاء الله. وخرج ابن الزبير من ليلته، فتوجه نحو مكة هو وأخوه جعفر ليس معهما ثالث، وتنكب الجادة، فبعث وراءه من يطلبه فلم يقدروا عليه، وتشاغلوا عن الحسين عليه السلام فِي ذلك اليوم، فخرج من الليل ببنيه وأخوته وبني أخيه وأهل بيته إلى مكة لليلتين بقيتا من رجب، فدخلها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة.
ثم بعث الوليد إلى عَبْد اللَّهِ بن عمر فقَالَ: بايع ليزيد، فقَالَ: إذا بايع الناس بايعت.
وفِي هذه السنة: عزل يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة [3] ، عزله فِي رمضان، وأمر عليها عمرو بن سعيد، فقدمها، ووجه عمرو بن سعيد عمرو بن الزبير إلى أخيه عَبْد اللَّهِ بن الزبير ليقاتله، لما كان يعلم ما بينه وبين أخيه عَبْد اللَّهِ، ووجه معه أنيس بن عمرو الأسلمي في سبعمائة- وقيل: فِي ألفين- فعسكر فِي الجرف [4] فجاء مروان بن الحكم إلى عمرو بن سعيد، فقَالَ له: لا تقرب مكة [5] واتق الله، ولا تحل حرمة البيت، وخلوا ابن الزبير فقد كبر وهو رجل لجوج. فقَالَ عمرو: والله لنقاتلنه في جوف 133/ أالكعبة/، وسار أنيس حتى نزل بذي طوى، وسار عمرو بن الزبير إلى أخيه الأبطح، فأرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه أن الخليفة قد حلف لا يقبل منك حتى يؤتي بك في جامعة، فبر يمينه وتعال اجعل فِي عنقك جامعة من فضة. فأرسل ابن الزبير عَبْد اللَّهِ بن صفوان إلى أنيس فِي جامعة، فقاتلوه، فهزم أنيس وتفرق عن عمرو جماعة من أصحابه، واستعمل عمرو بن سعيد على شرطته مصعب بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن عوف، وأمره بالشدة على الناس، فهدم الدور، وضرب الرجال، وأرسل إلى المنذر بن الزبير، فجاءوا به ملببا، فقَالَ المسور بن مخرمة: اللَّهمّ إنا نعوذ بك من أمر هذا أوله. فلما حضر وقت الحج حج عمرو، وأظهر السلاح وأظهر ابن الزبير السلاح.
وفِي هذه السنة: وجه أهل الكوفة الرسل [1] إلى الحسين وهو بمكة يدعونه إلى القدوم عليهم، فوجه إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وكان أهل الكوفة قد بعثوا إلى الحسين عليه السلام يقولون: إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة، فأقدم علينا. فبعث إليهم مسلما لينظر ما قالوا، فخرج مسلم حتى أتى المدينة، فأخذ منها دليلين فمرا به فِي البرية، فأصابهم عطش، فمات أحد الدليلين [2] .
وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه، فكتب إليه: امض، فقدم الكوفة، فنزل على رجل من أهلها، يقال له ابن عوسجة، فلما تحدث أهل الكوفة بمقدمه دنوا إليه فبايعوه، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، فقام رجل ممن يهوى يزيد، إلى النعمان بن بشير، فقَالَ له: إنك ضعيف، قد فسد البلد. فقَالَ له النعمان: أكون ضعيفا في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قويا فِي معصية الله.
فكتب بقوله إلى يزيد، فولى الكوفة عبيد الله [3] بن زياد إضافة إلى البصرة، وأمره أن يقتل مسلم بن عقيل، فأقبل عبيد الله فِي وجوه أهل البصرة، حتى قدم الكوفة متلثما، فلا يمر بمجلس من مجالسهم فيسلم إلا قالوا: وعليك السلام يا ابن بنت رسول الله. وهم يظنونه الحسين/ حتى نزل القصر، فقَالَ عبيد الله لمولى له: هذه ثلاثة آلاف 133/ ب درهم، خذها وسل عن الذي بايع أهل الكوفة، وأعلمه أنك من حمص، وقل له: خذ هذا المال تقوى به. فمضى فسلمه إليه، فتحول مسلم بن عقيل حينئذ من الدار التي كان فيها إلى منزل هانئ بن عروة المرادي، وكتب مسلم إلى الحسين ببيعة اثني عشر ألفا من أهل الكوفة، ويأمره بالقدوم، ثم دخل على عبيد الله بن زياد جماعة من وجوه أهل الكوفة، فقَالَ: ما بال هانئ بن عروة لم يأتني؟ فأخبروا هانئا، فانطلق إليه فقَالَ: يا هانئ، أين مسلم؟ قَالَ: لا أدري. فقَالَ عبيد الله لمولاه الذي أعطاه الدراهم: اخرج.
فخرج، فلما رآه قَالَ: أصلح الله الأمير، والله ما دعوته إلى منزلي، ولكنه جاء فطرح نفسه عليّ، قال: ائتني به، قَالَ: والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه. فضربه [على حاجبه] [1] فشجه، ثم حبسه فنادى مسلم أصحابه، فاجتمع إليه من أهل الكوفة أربعة آلاف، فمضى بهم إلى القصر، فأشرف أصحاب عبيد الله على أهاليهم يعدونهم ويقولون: غدا يأتيكم جنود الشام. فتسللوا، فما اختلط الظلام حتى بقي مسلم وحده، فأوى إلى امرأة، فعلم به ابنها، وكان عبيد الله قد نادى: إنه من وجد فِي داره فقد برئت منه الذمة، ومن جاء به فله ديته. فأخبر به، فبعث عبيد الله إليه صاحب الشرطة عمرو بن حريث، ومعه عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد الأشعث، فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار، فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، فأعطاه عَبْد الرَّحْمَنِ الأمان، فأمكنه من يده، فحملوه على بغلة، وانتزعوا سيفه منه، فقَالَ: هذا أول الغدر. وبكى، فقيل له: من يطلب مثل هذا الذي تطلب إذا نزل به مثل هذا لم يبك. فقَالَ: والله ما أبكي على نفسي، بل على حسين وآل حسين. ثم التفت إلى عَبْد الرَّحْمَنِ فقَالَ: هل يستطيع أن يبعث من عندك رجلا على لساني، يبلغ حسينا، فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم، فيقول له ارجع ولا تغتر بأهل الكوفة.
134/ أفبعث رجلا، فلقي/ الحسين بزبالة، فأخبره [الخبر] [2] ، فقَالَ: كل ما حم نازل. ولما جيء بمسلم إلى عبيد الله بن زياد [3] أخبره عَبْد الرَّحْمَنِ أنه قد أمنه، فقَالَ:
ما أنت والأمان، إنما بعثناك لتجيء به لا لتؤمنه. فأمر به، فأصعد إلى أعلى القصر، فضربت عنقه، وألقى جثته إلى الناس، وأمر بهانئ، فقتل في السوق، وسحب إلى الكناسة، فصلب هناك.

وقَالَ شاعرهم فِي ذلك:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ فِي السوق وابن عقيل
تري جسدا قد غير الموت لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل [1]
أصابهما أمر الإمام فأصبحا ... أحاديث من يسعى بكل سبيل
وفِي رواية أخرى: أن الحسين لما خرج من المدينة قيل له: لو تجنبت الطريق [2] كما فعل ابن الزبير لأجل الطلب. قَالَ: لا والله، لا أفارقها حتى يقضي الله ما أحب.
فاستقبله عَبْد اللَّهِ بن مطيع، فقَالَ له: جعلت فداك، أين تريد؟ قَالَ: أما الآن فمكة وما بعدها، فإنّي أستخير الله، فقال: خار الله لك، وجعلنا فداك، فإذا أتيت مكة فإياك أن تقرب الكوفة، فإنها بلدة مشئومة، بها قتل أبوك، وخذل أخوك، واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه، الزم الحرم، فإنك سيد العرب، ولا يعدل بك أهل الحجاز أحدا، ويتداعى الناس إليك من كل جانب. فنزل مكة، واختلف أهلها إليه وأهل الآفاق، وابن الزبير لازم جانب الكعبة، فهو قائم يصلي عندها، ويطوف، ويأتي حسينا فيمن يأتيه، ويشير عليه، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير لأنه قد علم أن أهل الحجاز لا يبايعونه أبدا ما دام حسين بالبلد، وقام سليمان بن صرد بالكوفة، فقَالَ: إن كنتم تعلمون أنكم تنصرون حسينا فاكتبوا إليه، وإن خفتم الفشل فلا تغروه. قالوا: بل نقاتل عدوه.
فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو، الحمد/ للَّه الذي قصم عدوك، وإنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله يجمعنا بك. 134/ ب فقدم الكتاب عليه بمكة لعشر مضين من رمضان، ثم جاءه مائة وخمسون كتابا من الرجل والاثنين والثلاثة، ثم جاءه كتاب آخر يقولون: حي هلا، فإن الناس ينتظرونك،فالعجل العجل. وتلاقت الرسل كلها عنده. فقرأ الكتب، وكتب مع هانئ بن هاني السبيعي، وسعيد بن عبيد الحنفِي [1] ، وكانا آخر الرسل:
بسم الله الرحمن الرحيم. من حسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين. أما بعد، فإن هانئا وسعيدا قدما علي، وكانا آخر من قدم من رسلكم، وقد بعثت أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي وأمرت أن يكتب إلي بحالكم، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم، قدمت عليكم إن شاء الله تعالى.
فلما قتل [2] مسلم بن عقيل وهانئ، وكان الحسين قد خرج من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة، وكان قد أشار عليه جماعة منهم ابن عباس أن لا يخرج، وكان من جملة ما قَالَ له: أتسير إلى قوم أميرهم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب، ولا آمن أن يكذبوك. فقَالَ: أستخير الله، ثم عاد إليه فقَالَ له: إني أتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك أهل العراق، فإنهم أهل غدر، أقم بهذا البلد فإنك سيد الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك (فاكتب إليهم) [3] .
فلينفوا عدوهم، وإن أبيت فسر إلى اليمن، فإن بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة. فقَالَ: قد أجمعت المسير. قَالَ: فلا تسر بنسائك وصبيتك، فإني أخاف ما جرى لعثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه، ولقد أقررت عيني ابن الزبير بتخليتك إياه بالحجاز، والله لو أني أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني لفعلت.
ثم خرج، فلقي ابن الزبير، فقَالَ: قرت عينك، هذا حسين يخرج إلى العراق، ويخليك والحجاز، ثم أنشد مرتجزا متمثلا: / 135/ أ
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقّري [4]
وكتب عبيد الله إلى يزيد: أما بعد، فالحمد للَّه الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه، وكفاه مئونة عدوه، إن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة فكدتهما حتى استخرجتهما وضربت أعناقهما، وقد بعثت برأسيهما.
فكتب إليه يزيد: إنك على ما أحب عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع، وقد بلغني أن الحسين قد توجه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس، واجلس [1] على الظنة، وخذ على التهمة، غير أن لا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلي فِي كل ما يحدث من خير إن شاء الله.
قَالَ علماء السير: لما علم الحسين، بما جرى لمسلم بن عقيل هم أن يرجع، فقَالَ أخو مسلم: والله لا ترجع حتى نصيب [2] بثأرنا. فقَالَ الحسين: لا خير فِي الحياة بعدكم. فسار فلقيته أوائل خيل عبيد الله، فنزل كربلاء، فضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. وفِي هذه السنة: حج بالناس عمرو بن سعيد، وكان عامل يزيد على مكة والمدينة لما نزع يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، وكان ذلك فِي شهر رمضان.
فحج عمرو بالناس حينئذ، وكان على الكوفة والبصرة وأعمالها عبيد الله بن زياد، وعلى خراسان عَبْد الرَّحْمَنِ بن زياد، وعلى قضاء الكوفة شريح، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة.







مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید