المنشورات

ظالم بن عمر بن سفيان، أبو الأسود الدؤلي

قال يوسف بن حبيب: الدول من بني حنيفة ساكن الواو، والديل عبد القيس ساكنة الياء، والدؤل في كنانة رهط أبي الأسود الدؤلي.
وقد روى أبو الأسود عن عمر، وعلي، والزبير، وأبي ذر، وعمران بن حصين.
واستخلفه عبد الله بن عباس لما خرج من البصرة، فأقره علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يحب عليا رضي الله عنه الحب الشديد، وهو القائل [4] :
يقول الأرذلون بنو قشير ... طوال الدهر لا تنسى عليا
أحب محمدا حبا شديدا ... وعباسا وحمزة الوصيا
فإن يك حبهم رشدا أصبه ... ولست بمخطئ إن كان غيا
وهو أول من وضع النحو. قال محمد بن سلام: أول من أسس العربية ووضع قياسها، فوضع باب الفاعل والمفعول به، والمضاف، وحروف الرفع والنصب والجر والجزم، وأخذ ذلك عنه يحيى بن يعمر.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: أخذ أبو الأسود عن علي بن أبي طالب العربية، فكان لا يخرج شيئا مما أخذه عن علي إلى آخر حتى بعث إليه زياد: اعمل شيئا يكون إماما نعرف به كتاب الله، فلم يفعل حتى سمع قارئا يقرأ: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ 9: 3 [5] فقال: ما ظننت أن/ أمر الناس قد صار إلى هذا. وقال لزياد: أبغي كاتبا لقنا يفعل ما أقول، فأتي بكاتب من عبد القيس، فلم يرضه، فأتي بآخر، فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقطه نقطة فوقه على أعلاه، وإذا ضممت فمي بالحرف فانقطه نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فاجعل النقطة تحت الحرف، فإذا اتبعت شيئا من ذلك عنة فاجعل مكان النقطة نقطتين، فهذه نقط أبي الأسود.
وروى أبو العباس المبرد، قال: حدثنا المازني قال: السبب الذي وضعت له أبواب النحو وعليه أصلت أصوله أن ابنة أبي الأسود قالت له: ما أشد الحر، قال:
الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته، فقال: أو قد لحن الناس. فأخبر بذلك عليا رضي الله عنه، فأعطاه أصولا بنى منها، وعمل بعده عليها.
وهو أول من نقط المصاحف، وأخذ النحو عن أبي الأسود عنبسة الفيل، ثم أخذه عن عنبسة ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، ثم أخذه عنه عيسى بن عمر، وأخذه عن عيسى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ثم أخذه عن الخليل سيبويه، ثم أخذه عن سيبويه الأخفش، وهو سعيد بن مسعدة المجاشعي.
وروى أبو حامد السجستاني قال: حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال:
حدثنا سعيد بن سالم الباهلي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأسود الدؤلي، قال: دخلت على أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عنه فرأيته مطرقا متفكرا، فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: إني سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، فأتيته بعد أيام فألقى إلي صحيفة فيها:
الكلام كله: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال لي: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، / فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه. أَخْبَرَنَا مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، والمبارك بن علي، قالوا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَمامِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يَقُولُ:
أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ النَّحْوَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ، ثُمَّ مَيْمُونُ الأَقْرَنُ، ثُمَّ عَنْبَسَةُ الْفِيلُ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: وَوَضَعَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فِي النَّحْوِ كِتَابَيْنِ سَمَّى أَحَدَهُمَا «الْجَامِعَ» ، وَالآخَرَ «الْمُكَمِّلَ» . فَقَالَ الشَّاعِرُ:
بَطُلَ النَّحْوُ جَمِيعًا كُلُّهْ ... غَيْرَ مَا أَحْدَثَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ
ذَاكَ إِكْمَالٌ وَهَذَا جَامِعٌ ... فَهُمَا لِلنَّاسِ شَمْسٌ وَقَمَرْ
قال عمر بن شبة: وحدثنا حيان بن بشر، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عاصم، قال:
أول من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي، فجاء إلى زياد بالبصرة، فقال: إني أرى العرب قد خالطت الأعاجم، فتغيرت ألسنتهم، أفتأذن لي أن أضع للعرب كلاما يعرفون به ويقيمون به كلامهم؟ قال: لا، قال: فجاء رجل إلى زياد، فقال أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك بنون، فقال: ادع لي أبا الأسود، فقال: ضع للناس الذي نهيتك أن تضع لهم.
قال الجاحظ: أبو الأسود معدود في طبقات الناس، وهو في كلها مقدم، كان معدودا في التابعين والفقهاء والشعراء والمحدثين والأشراف والفرسان والأمراء والدهاة والنحويين والحاضري الجواب والنجلاء والشيعة والصلع الأشراف.
توفي أبو الأسود في هذه السنة، وَهُوَ ابْن خمس وثمانين سنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید