المنشورات

يزيد بن ربيعة بن مفرغ، أبو عثمان الحميري

سمي جده مفرغا لأنه راهن على سقاء لبن أن يشربه كله، فشربه حتى فرغه، فسمي مفرغا. وكان يزيد شاعرا محسنا غزلا، والسيد من ولده [5] .
ومدح مروان بن الحكم، فقال [6] :
وأقمتم سوق الثناء ولم تكن ... سوق الثناء تقام في الأسواق
فكأنما جعل الإله إليكم ... قبض النفوس وقسمة الأرزاق
وكان [7] يزيد يهوى أناهيد بنت الأعنق، وكان الأعنق دهقان من دهاقين الأهواز،فنزل مرة بالموصل فزوجوه امرأة، فلما كان اليوم الذي يكون البناء في ليلته خرج يتصيد ومعه غلامه برد، فإذا هو بدهقان على حمار، فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من الأهواز، قال: ما فعلت دهقانة يقال لها أناهيد بنت أعنق؟ فقال: صديقة بان مفرغ؟
قال: نعم، قال: ما تجف جفونها من البكاء عليه، فقال لغلامه برد: أتسمع؟ قال:
نعم، قال: هو بالرحمن كافر إن لم يكن/ وجهي هذا إليها، فقال له برد [1] : أكرمك القوم، وزوجوك كريمتهم، ثم تصنع هذا بهم، وتقدم على ابن زياد بعد خلاصك منه، فقال: دع ذا عنك، هو بالرحمن كافر إن رجع عن الأهواز، ومضى على وجهه إلى البصرة، ثم جعل يختلف إلى الأهواز فيزور أناهيد، وقدم على عبيد الله بن أبي بكرة، فأمر له بمائة ألف درهم، ومائة وصيف، ومائة نجيبة، وكان يزيد قد لزمه غرماؤه بدين عليه، فقال لهم: انطلقوا، فجلس على باب الأمير، فخرج من عند الأمير أبو عمر بن عبيد الله بن معمر، وأبو طلحة الطلحات، فلما رآه قال: أبا عثمان ما أقعدك ها هنا؟ قال: غرمائي هؤلاء قد لزموني بدين، قال: وكم هو؟ قال: سبعون ألفا، قال:
علي منها عشرة آلاف، ثم خرج الآخر فسأله، فقال: علي عشرة آلاف، فجعل الناس يخرجون فيضمن كل واحد منهم شيئا إلى أن خرج عبد الله بن أبي بكرة، فسأله، فأخبره، فقال: وكم ضمن عنك؟ قال: أربعون ألفا، قال: استمتع بها وعلي دينك أجمع.
وكان عم يزيد يعنفه في حب أناهيد، ويعزله ويعيره، فقال له: يا عم، إن لي بالأهواز حاجة، لي على قوم بها ثلاثون ألف درهم، فإن رأيت أن تتجشم [العناء] [2] معي وتطالب بحقي، فأجابه، فاستأجر سفينة وتوجه إلى الأهواز، فكتب إلى أناهيد:
تهيئي وتزيني واخرجي إلي مع جواريك، فإني موافيك، فلما نزلوا منزلها خرجت إليهم في هيئتها، فلما رآها عمه قال له: قبحك الله، هلا علقت مثل هذه، قال: يا عم، أوقد أعجبتك؟ قال: ومن لا تعجبه هذه، قال: أبجد [منك] [3] تقول هذا، قال: نعم والله، قال: فإنها والله هذه بعينها. فقال: إنما أشخصتني لأجلها. [قال: نعم] [4] ، ثم انصرف وأقام هو معها إلى أن مات في زمن الطاعون أيام مصعب بن الزبير.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید