المنشورات

بشر بن مروان بن الحكم، أخو عبد الملك

ولي الولايات.
أَخْبَرَنَا المبارك بْن علي الصيرفي، قَالَ: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن إبراهيم الجبري، قال: أَخْبَرَنَا علي بْن الحسن بْن الفضل، قَالَ: أخبرنا أحمد بْن مُحَمَّد بْن خالد الكاتب، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، قال: حدثني الزبير بن بكار، عن القاسم بن عدي، عن أبيه، قال: قال لي يتاذوق [2] الطبيب الذي كان للحجاج- وكان قد أدرك كسرى بن هرمز، وأدرك الحجاج، أتت عليه ثلاثون ومائة سنة- قال:
قال/ لي أمير من أمراء العراق ولم يسمه- قال الهيثم: وظنناه يعني بشر بن مروان، وذلك أن بشرا مات بالعراق وهو أميرها: يا يتاذوق، ما ترى هذه العلة قد طالت بي؟ فقلت: أصلح الله الأمير، لا يستقيم أن أصف لك شيئا حتى أستبرئ ما بك، وإن أحب الأمير أن أستبرئ ذلك فليدع بي على ريق النفس.
فلما كان من الغد دعا بي [3] ، فدخلت عليه واضجعته على حصير ليس تحته ولا تحت رأسه شيء، فجسست ما بين أخمص قدميه إلى هامته، ثم قلت: اجلس أيها الأمير، فجلس، فقلت: أيما أحب إليك أيها الأمير، الصدق أم الكذب؟ قال: ما حاجتي إلى الكذب، بل الصدق أحب إلي، قلت: أيها الأمير، إن الله عز وجل كتب الفناء على خلقه فهم ميتون، فاعهد عهدك واكتب وصيتك. قال: يا يتاذوق، قد نعيت إلي نفسي. قلت: أيها الأمير، إن أردت أريك إمارة ما قلت [4] ؟ قال: نعم، قلت [5] :
فادع لي بلحم أحمر، فدعى بمسلوخ، فأخذت قطعة من لحم الفخذ حراء، فرققتها حتى جعلتها مثل قشر البيض، ثم ثقبت فيها ثقبا وجعلت فيه خيط [1] إبريسم دقيق، ثم قلت: ازدردها أيها الأمير، فازدردها فتركتها في جوفه ساعة، ثم جذبتها بالخيط فأخرجتها فإذا هي مملوءة دودا، فقلت: أيها الأمير، ما بقاء جوف هذا فيه، فقال: يا يتاذوق، وأنّى أصابني هذا، فو الله لقد قدمت مصركم هذا فكتبت [2] نفسي من الحر والبرد، فقلت: أيها الأمير، منها أتيت، قدمت هذا المصر فكتبت نفسك في الشتاء باللبود [3] والنيران، فلم يصل إليك البرد، وكتبته في الصيف بثياب الكتان والماء والثلج فلم يصل إليك الحر فتفكك [4] جوفك، والأبدان لا تقوم إلا بالحر والبرد وإن أذاها.
قال: فو الله ما عاش بعد هذا الكلام إلا ثلاثة أيام حتى مات.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید