المنشورات

عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن

أسلم بمكة مع أبيه وهو صغير قبل أن يبلغ، وهاجر مع أبيه، وشهد غزوة الخندق وما بعدها، وحضر يوم القادسية ويوم جلولاء [3] وما بينهما/ من وقائع الفرس.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عبد الله رجل صالح» [4] وقال جابر بن عبد الله [5] : ما أدركنا أحدا إلا وقد مالت به الدنيا إلا ابن عمر.
وقالت عائشة: ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من ابن عمر.
وقال سعيد بن المسيب [1] : لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر.
وقال طاووس: ما رأيت رجلا أورع من ابن عمر، وكان يقول في سجوده: قد تعلم أنه ما يمنعني من مزاحمة قريش على هذه الدنيا إلا خوفك.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حمد بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحُرَيْشِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
اجْتَمَعَ فِي الْحِجْرِ أَرْبَعَةٌ: مُصْعَبٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بَنُو الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالُوا: تَمَنَّوْا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْخِلافَةَ، وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّيَ الْعِلْمُ [2] . وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ الْعِرَاقِ وَالْجَمْعَ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَأَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ. قَالَ: فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا طَرَّادُ بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين بْنِ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ صَفْوان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قال: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا، كُنَّا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعد ما فرغوا من حديثهم: ليقم رجل منكم فليأخذ بالركن اليماني وليسأل الله حاجته، فإنه يعطى سؤله، قم يا عبد/ الله بن الزبير فإنك أول مولد في الهجرة، فقام فأخذ بالركن اليماني، ثم قَالَ:
اللَّهمّ إِنَّكَ عَظِيمٌ تُرْجَى لِكُلِّ عَظِيمٍ أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ وَحُرْمَةِ عَرْشِكَ [وَحُرْمَةِ بَيْتِكَ] [1] وَحُرْمَةِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَلا تُمِيتَنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تُوَلِّيَنِي الْحِجَازَ وَيُسَلَّمَ عَلَيَّ بِالْخِلافَةِ. وَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ، فَقَالُوا: قُمْ يَا مُصْعَبُ، فَقَامَ فَأَخَذَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، فَقَالَ:
اللَّهمّ إِنَّكَ رب كل شيء وإليك يصير كُلُّ شَيْءٍ، أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَلا تُمِيتَنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تُوَلِّيَنِيَ الْعِرَاقَ وَتَزَوِّجَنِي سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، وَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ، فَقَالُوا: قُمْ يَا عَبْدَ الْمَلِكِ، فَقَامَ فَأَخَذَ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، فَقَالَ: اللَّهمّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الأَرْضِ ذَاتِ النَّبْتِ بَعْدَ الْقَفْرِ أَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الْمُطِيعِينَ لأَمْرِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَى جَمِيعَ خَلْقِكَ، وَبِحَقِّ الطَّائِفِينَ حَوْلَ بَيْتِكَ أَلا تُمِيتُنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تُوَلِّيَنِي شَرْقَ الأَرْضِ وَغَرْبَهَا، وَلا يُنَازِعَنِي أَحَدٌ إِلا أَتَيْتُ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ، ثُمَّ قَالُوا: قُمْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بن عمر، فقام حتى أخذ بالركن اليماني ثم قال: اللَّهمّ إنك رحمان رَحِيمٌ، أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَكَ، وَأَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ أَلا تُمِيتَنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تُوجِبَ لِيَ الْجَنَّةَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَمَا ذَهَبَتْ عَيْنَايَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ أُعْطِيَ مَا سَأَلَ، وَبُشِّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِالْجَنَّةِ، وَرَأَيْتُ لَهُ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيْوَيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ [2] ، قَالَ:
خَطَرَتْ هَذِهِ الآيَةُ: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ 3: 92 [3] فَذَكَرْتُ مَا أَعْطَانِي فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ جَارِيَتِي رُمَيْثَةَ، فَقُلْتُ: هِيَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَلَوْلا أَنِّي لا أَعُودُ فِي شيء جعلته للَّه نكحتها، فأنكحها نافعا، فهي أم ولده.
أخبرنا ابن ناصر، قال: أخبرنا حمد/ بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، قال:
حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَدَّ عَجَبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَرَّبَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ نافع: كان رقيقه قد عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْهُ، فَرُبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَيَلْزَمُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ أَعْتَقَهُ، فَيَقُولُ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّهِ مَا بِهِمْ إِلا أَنْ يَخْدَعُوكَ، فَيَقُولُ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ خَدَعَنَا باللَّه انْخَدَعْنَا لَهُ.
قَالَ نَافِعٌ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ذَاتَ عَشِيَّةٍ وَرَاحَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى نَجِيبٍ لَهُ قَدْ أَخَذَهُ بِمَالٍ، فَلَمَّا أَعْجَبَهُ مَسِيرُهُ أَنَاخَهُ مَكَانَهُ ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا نَافِعُ، انْزَعُوا زِمَامَهُ وَرَحْلَهُ وَحَلِّلُوهَ وَأَشْعِرُوهَ وَأَدْخِلُوهُ فِي الْبُدْنِ. قَالَ نَافِعٌ: مَا مَاتَ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ [1] ، وَمَا زَادَ. وَكَانَ يُحْيِي الليل صَلاةً، فَإِذَا جَاءَ السَّحَرُ اسْتَغَفَرَ إِلَى الصَّبَاحِ، وَكَانَ يُحْيِي مَا بَيْنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ. وَكَانَ الْبِرّ لا يُعْرَفُ فِي عُمَرَ وَلا ابْنِ عُمَرَ حَتَّى يَقُولا أَوْ يَعْمَلا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ [2] : أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَانَ زَجُّ رُمْحِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَصَابَ رِجْلَ ابْنِ عُمَرَ، فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ انْتَقَضَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَدَخَلَ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَنِي، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي حَرَمِ اللَّهِ فَأَصَابَنِي بَعْضُ أَصْحَابِكَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَلا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ، فَغُلِبَ فَدُفِنَ فِي الْحَرَمِ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: أَخْبَرَنَا [محمد بن أحمد] [3] بن رِزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ [1] .
وكذلك قال أبو الفضل بن دكين وابن بكير.
وقيل: إنه مات في سنة أربع وسبعين.
وعن سعيد بن عفير/ قال: في سنة أربع [وسبعين] [2] مات عبد الله بن عمر بمكة، فدفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين وقيل: إنه دفن بفج وهو ابن أربع وثمانين.
قال مؤلف الكتاب رحمه [3] الله: وفي مقدار عمره قول آخر:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ، [قَالَ: أخبرنا الخطيب [4]] بإسناده عن مالك، قال:
بلغ عبد الله بن عمر من السن تسعا وثمانين سنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید