المنشورات

الحجاج وقد جرت لابن أخيه في توليته البلد قصة طريفة

أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، قالت: أَخْبَرَنَا جعفر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي السواق، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن فارس/ قال: حدثنا عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الزَّيْنبيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن خلف، قال: حدثنا أبو بكر العامري، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال: حدثنا أبو عباد، قال:
أدركت الخادم الذي كان يقوم على رأس الحجاج، فقلت له: أخبرني بأعجب شيء رأيته من الحجاج، قال [2] : كان ابن أخيه أميرا على واسط، وكانت بواسط امرأة يقال إنه لم يكن بواسط في ذلك الوقت أجمل منها، فأرسل ابن أخيه إليها يريدها عن نفسها مع خادم له، فأبت عليه وقالت: إن أردتني فاخطبني إلى إخوتي. قال: وكانت لها [3] إخوة أربعة، فأبى وقال: لا إلا كذا، وعاودها فأبت عليه إلا أن يخطبها، فأما حرام فلا، وأبى هو إلا الحرام، فأرسل إليها بهدية فأخذتها فعزلتها.
قال: فأرسل إليها عشية جمعة: إني آتيك الليلة، فقالت لأمها: إن الأمير بعث إلي بكذا وكذا. قال: فأنكرت أمها ذلك، وقالت أمها لإخوتها: إن أختكم قد زعمت كذا وكذا، فأنكروا ذلك وكذبوها، فقالت: إنه قد وعدني أن يأتيني الليلة وسترونه، قال: فقعد إخوتها في بيت حيال البيت الذي هي فيه وفيه سراج وهم يرون من يدخل إليها وجويرية لها على باب الدار قاعدة، حتى جاء فنزل عن دابته وقال لغلامه: إذا أذن المؤذن في الغلس فاتني بدابتي.
ودخل فمشت الجارية بين يديه وقالت له: ادخل وهي على سرير مستلقية، فاستلقى إلى جانبها ثم وضع يده عليها وقال: إلى كم ذا المطل؟ فقالت له: كف يدك يا فاسق.
قال: ودخل إخوتها ومعهم سيوف، فقطعوه ثم لفوه في نطع وجاءوا به إلى سكة من سكك واسط فألقوه فيها. وجاء الغلام بالدابة فجعل يدق الباب رفيقا، فلم يكلمه أحد، فلما غشي الصبح، [وخشي] [1] أن تعرف الدابة انصرف. وأصبحوا فإذا هم به، فأتوا به الحجاج، فأخذ أهل تلك السكة، فقال: أخبروني ما هذا وما قصته؟ قالوا: لا نعلم حاله غير أنا وجدناه ملقى، ففطن الحجاج، فقال: علي بمن كان يخدمه/ فأتي بذلك الخصي الذي كان الرسول، فقيل: هذا كان صاحب سره، فقال له الحجاج: ما كان حاله، وما [كانت] [2] قصته؟ فأبى، فقال: إن صدقتني لم أضرب عنقك، وإن لم تصدقني فعلت بك وفعلت.
قال: فأخبره بالأمر على جهته، فأمر بالمرأة وأمها وإخوتها، فجيء بهم فعزلت المرأة عنهم فسألها فأخبرته بمثل ما أخبره الخصي، ثم عزلها وسأل الإخوة فأخبروه بمثل ذلك وقالوا: نحن الذي صنعنا به الذي ترى، قال: فعزلهم وأمر برقيقه ودوابه وماله للمرأة، فقالت المرأة: عندي هديته، فقال: بارك الله لك فيها وأكثر في النساء مثلك، هي لك، وكل ما ترك من شيء، فهو لك، وقال: مثل هذا لا يدفن، فألقوه للكلاب.
ودعا بالخصي وقال: أما أنت فقد قلت لا أضرب عنقك، فأمر بضرب وسطه.
وفي هذه السنة حج بالناس الوليد بن عبد الملك، وكان أمير المدينة أبان، وأمير الكوفة والبصرة

وخراسان وسجستان الحجاج، وعلى قضاء الكوفة شريح، وفي رواية: وعلى قضاء البصرة موسى بن أنس.
وأغزى عبد الملك في هذه السنة يحيى بن الحكم.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید