المنشورات

أراد عبد الملك خلع أخيه عبد العزيز

فنهاه عن ذلك قبيصة بن ذؤيب، وقال: لا تفعل فإنك تبعث بهذا على نفسك العار [5] ، ولعل الموت يأتيه فتستريح منه. فكف/ عن ذلك ونفسه تنازعه، ودخل عليه روح بن زنباع، فقال: يا أمير المؤمنين، لو خلعته ما انتطح فيه عنزان، قال: ترى ذلك يا أبا زرعة؟ قال: إي والله، وأنا أول من يجيبك إلى ذلك، فقال: نصبح إن شاء الله.
فبينا هو على ذلك وقد نام عبد الملك- ونفسه تنازعه- وروح بن زنباع دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقا، وكان عبد الملك قد تقدم إلى حجابه فقال: لا يحجب عني قبيصة أي ساعة جاء ليلا أو نهارا [6] ، إن كنت خاليا أو عندي أحد، وإن كنت عند النساء أدخل المجلس وأعلمت بمكانه، فدخل وكانت الأخبار تأتي إليه قبل عبد الملك، فدخل عليه فسلم وقال: آجرك الله في أخيك عبد العزيز، قال: وهل توفي؟ قال: نعم، فاسترجع عبد الملك، ثم أقبل على روح، فقال: كفانا الله ما كنا نريد وما اجتمعنا عليه، فقال قبيصة: ما هو؟ فأخبره بما قد كان، فقال قبيصة: يا أمير المؤمنين، إن الرأي كله في الأناة، والعجلة فيها ما فيها.
وفي رواية [1] : أن عبد الملك لما أراد خلع عبد العزيز ويبايع لابنه الوليد، كتب إلى أخيه: إن رأيت أن تصير هذا الأمر لابن أخيك، فأبى، فكتب إليه: فاجعلها له من بعدك، فكتب إليه: إني أرى في ولدي ما ترى في ولدك، وإني وإياك قد بلغنا أشياء لم يبلغها [2] أحد من أهل بيتك إلا كان بقاؤه قليلا، وإني لا أدري ولا تدري أينا يأتيه الموت أولا، فإن رأيت لا تغثث [3] علي بقية عمري فافعل. فرق عبد الملك، وقال: لا أغثث عليه بقية عمره [وقال العمري: لا أعيب عليه بقية عمره] [4] . فلما مات عبد العزيز بن مروان بايع لولديه.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید